أنواع الذاكرة الإنسانية
أنواع الذاكرة الإنسانية
إن فكرة القول بوحدة الذاكرة ظلت مقبولة وشائعة على نحو كبير في خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر، وبعدها كثرت محاولات تصنيف الذاكرة، حتى جاء دونالد هيب وأصدر عملًا ميَّز فيه بين الذاكرة ذات المدى القصير، وعرفها بأنها هي التي ترتكز على النشاط الكهربائي المؤقت للدماغ، وبين الذاكرة طويلة المدى وهي التي تقوم على التحولات العصبية الأكثر دوامًا، وتم تأكيد هذه الفكرة وفرضها بفضل الدراسات في مجال السيكولوجيا العصبية التجريبية، والتي قابلت بين الاضطرابات المعرفية والتشوُّهات في الدماغ.
والذاكرة تتعدَّد وظائفها وأنواعها وأشكالها وأوصافها، وهناك أكثر من تصنيفٍ للذاكرة، وتعتمد جميعها على المدَّة والطبيعة والاسترجاع للحالة الشعوريَّة، فهناك الذاكرة المكانية وذاكرة العادات والذاكرة المعرفية، والذاكرة الضمنية والإجرائية، وتصنَّف الذاكرة تبعًا لمدة التذكُّر إلى ثلاثة مكوِّنات وهي: الذاكرة الحسية والذاكرة ذات المدى القصير وذات المدى الطويل.
أما الذاكرة الحسية فهي تحتفظ بالمعلومة في مدة قصيرة جدًّا تتراوح بين بضع مئات الأجزاء من الألف من الثانية والثانيتين، لدرجة أنها تعدُّ جزءًا من عملية الإدراك في التخزين فيها يتم بطريقة آلية، مثل رؤيتنا لمجموعة من الأصوات والصور في المشاهد السينمائية، وهذه الذاكرة لا تتطلَّب التركيز والانتباه إلى أشياء محددة نريد أن نتذكَّرها، لأن التخزين فيها يتم بصورة آلية ويختفي في أقل من ثانية.
الفكرة من كتاب الذاكرة.. أسرارها وآلياتها
إن الذاكرة هي إحدى قدرات الدماغ التي تُمكِّنه من تخزين المعلومات وتذكرها، وقد يطلق لفظ “ذاكرة” على عدة معانٍ أخرى تختلف بحسب المجالات التي تستخدم فيها، ففي العلوم العصبية مثلًا تعد الذاكرة هي القدرة على اكتساب المعلومات والحفاظ عليها واستعادتها، وفي علم النفس تعرف بأنها إمكانية تكييف السلوك وفق التجرِبة الماضية، وفي مجال الإلكترونيات والمعلومات تعدُّ جهازًا لحفظ البيانات والمعلومات وإدراجها.
يتناول هذا الكتاب لمحة تاريخية موجزة عن مفهوم الذاكرة وتطوره منذ البدايات في العصور السالفة حتى الآن، ويسلِّط الضوء على كيفية اشتغال الذاكرة داخل الدماغ الإنساني وأنواعها في محاولة لفَهم وظيفتها، من منظور العلوم العصبية وعلم النفس وعلم الأحياء وتقنيات التصوير الدماغي.
مؤلف كتاب الذاكرة.. أسرارها وآلياتها
لورون بوتي Laurent Petit: باحث فرنسي، يعمل بالمركز الوطني للبحث العلمي ضمن مجموعة البحث حول التصوير العصبي الوظيفي، مكَّنته إحاطته العميقة بالأبحاث الجارية في الولايات المتحدة الأمريكية من الإلمام بأهم القضايا المتعلقة بالذاكرة الإنسانية وارتباطها بأنشطة المناطق الدماغية، كما أن له اهتمامات بالمجالات المعرفية التي تهتم بدراسة الذاكرة مثل البيولوجيا العصبية، والسيكولوجيا المعرفية والأنثروبولوجيا.