أنواع الاستعمار وتدهور الاقتصاد العربي
أنواع الاستعمار وتدهور الاقتصاد العربي
في البداية لجأ النظام الرأسمالي لطريقة الاحتلال العسكري للسيطرة على الدول خلال النصف الأول من القرن العشرين، للحصول على موارد أولية بسعر أرخص وعمالة أقل أجرًا، وفتح أسواقًا جديدة أمام سِلَعِهِ ورؤوس أمواله، فاقترن ذلك بحروبٍ راح ضحيتها الملايين.
ثم تطور الأمر في النصف الثاني من القرن العشرين، ووجدت الدول الاستعمارية طرائق أرخص وأقل ضررًا للسيطرة على العالم، وذلك من خلال إنشاء حكومات موالية لها في البلدان المراد احتلالها تُنفذ أوامرها مقابل البقاء في مناصبها وحمايتها من الانقلابات العسكرية، أو عن طريق منح المعونات الأجنبية ومنعها، وإغراق الدول بالديون تحت شعار التنمية الاقتصادية، أو السيطرة على البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، إلى الضغط على بعض الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل، ومحاولات منع عقد مؤتمرات القمة العربية.
ومع ظهور “الشركات المتعددة الجنسيات” في أواخر الستينيات، التي لا ترتبط أعمالها بالصناعات الوطنية بل بالسياسات العامة التي تضعها هذه الشركات، ما أدي إلى انهيار التكتلات الاقتصادية بين دول العالم الثالث، وزيادة الفروق الاجتماعية.
إن مشروع النهضة الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي لم يَسلم من التدخلات الأجنبية التي سَعت لإجهاض أي محاولة لتحقيق تعاون وثيق بين الدول العربية، منها الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبعض المناطق العربية، وارتفاع أسعار النفط، وانخفاض إيرادات السياحة نتيجة ترويج الغرب لفكرة “الإرهاب الإسلامي”، فقد ضمنت أمريكا بذلك تبديد الموارد الاقتصادية العربية، وتعطيل تطور العرب السياسي ووحدتهم.
فكان من الصعب على العرب تحقيق أي محاولة للإصلاح، لا لعيب في عقولهم، أو في دينهم، أو في أخلاقهم، بل لأنهم وقعوا تحت هيمنة قوة عاتية لا حرية فيها للتعبير أو للاستقلال.
الفكرة من كتاب عصر التشهير بالعرب والمسلمين نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2001
إن العرب والمسلمين ظلوا لقرون عديدة أكثر أمم الأرض تقدمًا في جميع المجالات، وحتى في آخر قرنين ظهرت العديد من التجارب العربية الواعدة التي أجهضها التدخل الأجنبي، فالتاريخ يُثبت أن العرب والمسلمين ليسوا أقل قدرة من غيرهم على تحقيق نهضة شاملة، فقد كان الوطن العربي دائمًا مطمعًا للقوى الخارجية، ومع غياب أي رادع للاعتداء الغربي والصهيوني، عاش الإنسان العربي في سياق ثقافي عالمي ساهمت المؤسسات والأنماط السائدة في إفقاره وتهميشه.
إن ثمة حربًا واسعة وكبيرة تُشن اليوم ضد العرب والمسلمين، من إنزال القوات العسكرية وحتى السيطرة الإعلامية وتزييف وعي الجماهير، فالغرب في النهاية قد اتخذ من الأفكار الأكثر خبثًا مِشجَبًا ليعلن الحرب على الإسلام، ويكون هو عدوه الأيديولوجي الجديد الذي يمكن استغلاله من أجل تحقيق مصالحه الاقتصادية والسياسية.
مؤلف كتاب عصر التشهير بالعرب والمسلمين نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2001
جلال أمين: وُلد عام 1935م، هو عالم اقتصاد وكاتب ومفكر مصري بارز، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة، ونال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وعمل أستاذًا للاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا.
أهم مؤلفاته:
ماذا حدث للمصريين؟
عصر الجماهير الغفيرة.
خرافة التقدم والتأخر.