أنماط الحروب على مواقع التواصل الاجتماعي
أنماط الحروب على مواقع التواصل الاجتماعي
خلال فترة الثورات العربية ازدادت شهرة مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وقد اضطرت بعض النظم السياسية إلى إغلاق هذه المواقع في بعض الأحيان، وحاولت شراء برامج مراقبة وتحليل لرصد تحركات الناشطين على هذه المواقع.
ومن بين الأمثلة على ذلك ما حدث في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 في مصر، إذ اكتشف بعض الناشطين وثائق تكشف عن نية الحكومة المصرية لشراء برنامج FinSpy، الذي تصل قيمته إلى 287,000 يورو، وهو أحد برامج مراقبة الاتصالات عبر الإنترنت.
وفي الفترة نفسها قدمت شركة Amesys الفرنسية إلى “معمر القذافي”، بناءً على طلبه، برنامج Eagles الذي يمكّنه من مراقبة الإنترنت في ليبيا، بما في ذلك المحادثات الهاتفية وبرامج المراسلة الفورية وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.
واستُخدمت هذه المواقع خلال الثورات العربية في نشر الشائعات والمواد التحريضية والداعية إلى شق الصف بين فئات المجتمع المختلفة، وخلق حالة من عدم الاستقرار بنشر مقالات كاذبة أو استخدام صور غير حقيقية أو صور حقيقية لا تخص القضية المثارة، وقد تسببت سهولة نشر الشائعات وسرعة نقلها في انتشار معلومات خاطئة بين الأفراد، وتشويه سياسي إلكتروني لشخصيات سياسية ورموز مجتمعية.
وتُعدّ مواجهة التنظيمات الإرهابية من بين الموضوعات الرئيسة التي تشغل بال المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أبرز هذه التنظيمات تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم “داعش”، إذ نجح هذا التنظيم في خلق صورة سلبية عنه بفعل بشاعة أفعاله، مما ساعد على سيطرته على بعض القرى العراقية بسهولة شديدة.
وقد استخدمت تلك المنظمات الإرهابية مواقع التواصل الاجتماعي أداةً رئيسةً لجذب المجندين ونشر أفكارها المتطرفة، تنشئ المنظمات الإرهابية مجموعات على “فيسبوك” لجذب الأشخاص الذين يتفقون معها فكريًّا، من خلال الدعوة إلى قضايا إنسانية، مثل دعم الفلسطينيين أو الدفاع عن الإسلام أو الجهاد في بعض الدول.
الفكرة من كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
استطاع الإنسان عبر العصور استغلال البيئة من حوله وفرض نفوذه عليها، بدءًا من الأرض أو الإقليم البري، مرورًا بالبحر أو الإقليم البحري، ومع التطور التكنولوجي، تمكن الإنسان من استغلال بيئة طبيعية أخرى وهي الجو أو الإقليم الجوي، ومع القفزة التكنولوجية المذهلة في عالم الطيران والصواريخ، أمكن استغلال بيئة طبيعية جديدة وهي الفضاء الخارجي.
وبظهور الإنترنت وبزوغ عصر المعلومات، ظهرت لدينا بيئة جديدة وهي الفضاء الإلكتروني، ولكنها تختلف عن سابقتها في أنها ليست طبيعية، بل هي بيئة من صنع الإنسان، ولكنها تتمتع بخصائص تميزها، كسهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها، فمن يمتلك آليات توظيف هذه البيئة الإلكترونية الجديدة سيصبح الأكثر قدرة على التأثير في سلوك المستخدمين لتلك البيئة.
وفي هذا الكتاب، سنتناول الإجابة على بعض الأسئلة التحليلية، مثل: ما هو الفضاء الإلكتروني؟ وكيف أثر ذلك المفهوم في تحولات القوة وأشكال الحروب بين الدول؟ وما أدوات القتال في تلك الحروب؟ وما معايير الانتصار؟ وكيف يمكن لدولة أن تتعامل معها؟
مؤلف كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
إيهاب خليفة: هو رئيس قسم التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي، وباحث دكتوراه في إدارة المدن الذكية، وباحث سابق بمجلس الوزراء المصري.
تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 2009م، ونُشر له عديد من الأبحاث العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، حول الحروب السيبرانية، والتهديدات والتحديات الناجمة عن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نُشر له كتابان آخران هما:
القوة الإلكترونية، كيف يمكن للدول أن تدير شؤونها في عصر الإنترنت؟
مُجتمع ما بعد المعلومات.