أنماط الجماهير الملتزمة
أنماط الجماهير الملتزمة
يتميز المجتمع الإسلامي بانقسامه إلى عدة فئات، فئة متفائلة وأخرى متشائمة، والأخيرة رجال من طراز خاص، فالنوع الأول يهتم بالأمور الروحية، وينأى بأفكاره وسلوكه عن التوازن، فهو يُفرط في صفاته الجيدة لتجد طيبته سذاجة، وهؤلاء الأشخاص يميلون إلى مساحات الراحة الفكرية، ويؤثرون الالتزام بالمناهج المطروحة عليهم على أن يُعملوا عقولهم لتمييز الحق من الباطل، كما أنهم يجيدون قراءة الواقع، لكنهم يستثنون المستقبل من ذلك.
هم يحومون حول الأفكار ولا يلجون فيها، وعلى الصعيد الآخر فإن النوع الثاني يتميز بأشخاص يلجون في الأفكار ولا يخرجون منها، يتشبثون بالتفاصيل، فتجدهم مهمومين بالتدقيق في أمور حياتهم اليومية وتقييمها من الناحية الشرعية، ولكن في المقابل تجد أرواحهم باردة، ولا يبحثون عن العزيمة لاستكمال الطرق، رغم اهتمامهم الكبير بالبحث عن الطريق، كما أن وعيهم ليس بنفس مستوى إيمانهم.
أما النوع الأخير فإنهم رجال يتميزون بفطرة نقية متحققة في أفعالهم وسلوكياتهم، وإيمانهم لا يقف عند رسوخ العقيدة وإنما هو قول وعمل، ونفوسهم متأصلة بالسجايا الحميدة، وعبوديتهم تنطلق من شعار “ربي وعبدك”، فهم يختارون الأفعال والأنشطة اليومية وفق معايير رضا الله عنها، فما اتفق مع رضا الله فعلوه وأجادوه، وما تعارض معه انتهوا عنه، فهم يعيشون بالإسلام وللإسلام، ولا ينفصلون عن أبعاد الزمن الثلاثة.
فهم يقرؤون الماضي بُغية إصلاح الحاضر، ويُصلحون الحاضر لضمان النجاة في المستقبل، وهم من فطنتهم يعرفون علامات الطرق المسدودة فلا يسلكونها، فيحققوا بذلك التميز في شتى المجالات، فهم مهمومون بالديون المتأخرة على الأمة ويقفون على ثغورها لسدها، ويتمتعون بقدرٍ عالٍ من القوة والأمانة، وهم رجال من صلب عمر بن الخطاب، يحاولون باستمرار اتباع خطاه ونهجه في شتى دروب الحياة، وقد اجتمع فيهم ما تفرق في غيرهم.
الفكرة من كتاب نهوض التفكير.. التفكير في المفقود
يُعد هذا الكتاب وصايا للمنشغلين بالإصلاح المجتمعي، فلا شك أن مجتمعنا الإسلامي اليوم يفتقر إلى مشاريع إصلاحية حقيقية على أرض الواقع بعيدًا عن الأمور الخارقة، فحركة التاريخ ما هي إلا آلاف من الجهود الضئيلة التي لا تكاد تُرى وحدها، وعليه يهدف هذا الكتاب إلى الخروج بالإنسان من حالة مراقبة الواقع والتنظير عليه إلى حالة التنفيذ والتغيير فيه. والتفكير حيلة الإنسان وهو سلاح ذو حدين؛ قد نفك به القيود ونخرق الشروط، أو قد يعجزنا ويُمكّن الغير من الاستبداد بنا، وذلك بحسب تعاملنا مع الأفكار، إن كان تعاملًا أحاديًّا فردوسيًّا أو واقعيًّا مرنًا، فالأزمات التي نحياها ليست نتيجة أفعال الآخرين أو الأقدار المكتوبة لنا فحسب، وإنما تدخل في ذلك أفكارنا وعقلياتنا ومرجعياتنا، ويهدف الكاتب إلى تحويل الأفكار الإصلاحية من كلام منمق إلى مشاريع تنموية مثمرة على أرض الواقع.
فإن كنا مهتمين بالتربية المبكرة وأثرها في الطفل، فلا بد من إنشاء روضة أطفال نموذجية، وقد ذكر الكاتب راشد الغنوشي أن جوهر المشروع الإسلامي ليس إسلاميًّا ليستهدف الدولة، وإنما اجتماعي إصلاحي للناس كافة، وهذا معيار نجاحه أو فشله، ورغم هذا الوضع غير المبشر، ورغم ضعف الدولة وهشاشة تنفيذ الشريعة فيها، فإن الإسلام اليوم في ازدهار، بينما العلمنة تتجه بخطى سريعة نحو الذبول والاندثار، فالأمة الإسلامية وإن كانت منهارة سياسيًّا، فإنها قوية حضاريًّا وأخلاقيًّا.
مؤلف كتاب نهوض التفكير.. التفكير في المفقود
أ.د. عبدالكريم بكار: أحد أبرز الكتاب في مجال التربية الإسلامية والفكر الإسلامي، حاصل على الدكتوراه من قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، مهتم بالحضارة الإسلامية وقضايا النهضة الفكرية والعمل الدعوي الإصلاحي، وقد تُرجمت كثير من أعماله إلى العديد من اللغات، كما أن له مكتبة صوتية ضخمة تزخر بالعديد من المقاطع الصوتية التي سجلها.
للمؤلف نحو أربعين كتابًا، منها “فصول في التفكير الموضوعي”، و”مدخل إلى التنمية المتكاملة” و”العيش في الزمان الصعب” وغيرها من المؤلفات.