أنفاسك الشبابية.. معدودة
أنفاسك الشبابية.. معدودة
قد تبدو فكرة عدم الانشغال بالمَاجريَات السياسية والاستغراق في تفاصيل مشكلات الأمة وقضاياها ومتابعة الواقع لحظة بلحظة، موحيةً بدعوى البرود وإطفاء جمرة الوحدة الإسلامية الإنسانية المشتعلة في القلب، إلا أن ذلك بعيد كل البعد عن المقصود وما النماذج السابقة إلا دليل واضح على خلاف ذلك، والمتأمل فيها يجدها متفقة على مفهوم التوازن بين التكوين والإصلاح لأن هذا الاتزان هو الذي يُحدث الأثر الحقيقي، بخلاف من يعتقد أن متابعته وانشغاله بتفاصيل التفاصيل هو من قبيل انشغاله وحمله لهموم أمته، وكثير من الشباب يعتقد ذلك لدرجة أن طرح الفكرة الصحيحة المناقضة أصبحت من قبيل الغريب! إلا أنه في الحقيقة فعل المنشغلين الموهومين ذلك لا يصدّق أقوالهم ولا متابعتهم لكل تلك الأحداث، فلقد ألفوا هذا “الشغل” فأصبح روتينًا لا يثمر شيئًا، وفي ذلك يقول أحد علماء الأمة “الاستغراق في واقع الحياة يجعل النفس تألفه وتستنيم له، فلا تحاول تغييره”.
إن توجيه الخطاب والتركيز على مرحلة الشباب في هذا السياق هام جدًّا، فهي المرحلة الذهبية في حياة الإنسان وهي المرحلة التي تمضي سريعًا أيضًا، ويصفها الإمام أحمد بن حنبل وصفًا بديعًا فيقول “ماشبهت الشباب إلا بشيء كان في كُمّي، فسقط!”.
مرحلة الشباب مرحلة يمكن استغلالها على الجانبين الجيد والسيئ بشكل ترى من ثماره العجب بعد انقضائه، فهي مرحلة الفتوة والنضج والتفرغ، ولن تمر على الإنسان مرحلة كهذه يستطيع تعويض ما فاته فيها، ولذلك لايُمكن تصور أن تضيع تلك الأنفاس الشبابية في متابعة مسلسلات التعليقات!
إن المقياس في ذلك كله هو مقياس الوقت، الوقت تملؤه ويمضي، ومن ثم ملؤك له مؤثر في مضيه، فإن ملأته بما يعود عليك بالنفع بعد مضيه فقد فلحت، وإن ملأته لتتعجل مضيه أو ليكون حسرة عليك بعدها فقد خسرت، وفي هذا المعنى يقول ابن الجوزي “وكل نَفَس خزانة، فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء، فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم!”، ومن ثم فإن فهم قيمة الوقت وحسن استغلاله مبكرًا يساعد في عملية التغيير والإصلاح كثيرًا لمن أراد ذلك.
الفكرة من كتاب المَاجَرَيَات
بلهجة الناصح، وبأسلوب المنطق، وبالنماذج الواقعية التفصيلية، ينبه الكاتب بشكل خاص طلاب العلم ويهمس في آذانهم، أن حذارِ أن تضيعوا أوقاتكم وأعماركم على أرصفة المَاجَريات، وإن أردتم عملًا جادًّا وتأثيرًا حقيقيًّا وإنجازًا يُذكر فهَاكُم نماذج مساعدة!
مؤلف كتاب المَاجَرَيَات
إبراهيم السكران: تحول من الليبرالية إلى السلفية، باحث ومفكر ومحامٍ سعودي، لم يكمل العام في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حتى غادرها إلى كلية الشريعة، لينال درجة الماجستير في السياسة الشرعية متوجهًا بعدها إلى بريطانيا، لينال أيضًا درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي. له العديد من المقالات والمؤلفات، منها:
مسلكيات.
مآلات الخطاب المدني.
سلطة الثقافة الغالبة.