أمور صحية ولكن زادت عن حدِّها
أمور صحية ولكن زادت عن حدِّها
يذكر الكاتب عن ابن كثير أن امرأة ادَّعت على زوجها صداقًا بقيمة خمسمائة دينار، فدُعي شهود وطلبوا كشف وجه المرأة كي يتبينوا، فلما صمَّموا قبِل الزوج ادِّعاءها خشية أن يُرى وجهها، فلما علمت بذلك أحلَّته من صداقها في الدنيا والآخر، فالغيرة ظاهرة صحية طالما لم تنقلب إلى شك وظن سيئ، وقتها تصبح مفتاح التعاسة الزوجية، ومشكلة الغيرة تكمن في الآثار المترتبة عليها، فغيرة الزوجة على زوجها قد تفتح عينه على غيرها من النساء، أو قد يقهر الرجل زوجته تحت مسمى الغيرة.
والصمت مثلًا أمر مرغوب في أحيان كثيرة، ولكنه بين الزوجين مدعاة للنفور والوحشة، فلعلَّك تتعجَّب من رجل يهاتف زوجته لينتهي الحوار بينهما بعد بدايته لأن الزوج لا يعرف فيما يتحدث بعد السؤال عن الحال، وإنما الأصل في الزواج هو الحوار القائم على الانسجام، وهو بدوره يخلق جوًّا من المشاركة والارتياح والأُنس، فعلى كلٍّ من الزوجين أن يقطع أحدهما مسافة كافية نحو الآخر، فيتشاركا الاهتمامات بذكاء، وبمناصفة الاهتمامات تصبح المرأة ليست زوجة فحسب، بل وصديقة أيضًا.
كما أن من البديهي أن كل أم تحلم باليوم الذي يتزوَّج فيه ابنها، وذلك لأنه ثمرة عمرها ونتيحة تضحياتها المستمرة، وهذه مشاعر طبيعية بلا شك، ولكن قد تزيد عن الحدود المعقولة، لتنافس الحماة زوجة ابنها على قلبه واهتمامه، فهي لم تقطع بعد الحبل السري الذي يصلهما، ومما يزيد الوضع سوءًا، أن يكون الزوج تابعًا لأمه، ينتصر لها على حساب الإنصاف، فلا يتحرَّك لتصحيح هذا الوضع المختل، وهذه السلبية تدمر المنزل بلا شك وتجعل المشاعر محتقنة على الدوام.
الحساسية أيضًا صفة تُخفي وراءها قلبًا رقيقًا سريع التأثر، ولعلَّها صفة محمودة في المرأة وتتناسب مع رقة طبعها، ولكنها قد تنقلب إلى كارثة، وبخاصةٍ إذا كان الزوج كثير المزاح خفيف الظل، فإننا نقف هنا أمام مأزق تصادم الشخصيات، وهذه الصفة تجعل الزوج دائم الترقُّب لردود أفعال زوجته، مما يحول دون الانسجام التام بين الشريكين، ويجب على الزوج أن يُقدِّر هذا الطبع في زوجته ولا يرفع صوته عليها، ويُدرك أنها في المقابل تتمتَّع برومانسية عالية، وأنها إن تحسَّست فيه الأمان فسوف تتقبَّل تقويمه لها.
الفكرة من كتاب آفات في بيت الزوجية
من أسمى الرسالات التي قد يحملها إنسان؛ رسالة بناء أسرة مسلمة ناجحة، وهذه الرسالة تقتضي الكثير من الوعي والجهد والتنازل المعقول من أجل تحقيقها وذلك من قِبل الشريكين، وهذا الكتاب بمثابة الناصح الأمين الذي يوجِّه الزوجين إلى طريق بناء أسرة ناجحة، حيث يقدِّم فيه الكاتب مجموعة وفيرة من النصائح وخُلاصات التجارب وفنون التعامل بين الزوجين، تهدف إلى إثراء وعي القارئ وتعزيز رغبته في نجاح الحياة الزوجية وسعادتها.
مؤلف كتاب آفات في بيت الزوجية
حاتم إبراهيم سلامة: كاتب صحفي، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر الشريف عام 1978، له العديد من المقالات الإلكترونية والكتب المنشورة، ومنها: “كوني أمًّا عظيمة”، و”صامدون في وجه الإحباط”، و”للحقيقة وجوه كثيرة”، وغيرها من المؤلفات.