أليس هو الظَّاهِرُ في كُلِّ شيء؟
أليس هو الظَّاهِرُ في كُلِّ شيء؟
فهو “الظَّاهِر” إن طلبت معرفتَه مِن خزانةِ العقلِ بطريق الاستدلال، و”البَاطِن” إن طلبت معرفتَه من إدراك الحواس، وإنما خفيت على بعض العباد معرفتُهِ من شدة ظهورِهِ -سبحانه وتعالى- واتساقِ آثارِهِ في الكون، ولو تُصوِّرَت غَيبتُهُ سبحانه وتعالى لانهدمت السموات والأرض.
ومن أسمائه “القَابِضُ – الباسِطُ”: فهو الذي يَبسُطُ الرزق لعباده ليشكروه ويقبضه عنهم كي يلجؤوا إليه، وهو الذي يقبض الأرواح من الأجساد عند الممات ويبسطها في الأجساد عند الحياة.
ومن أسمائه “الخَافِضُ – الرافِعُ”: فهو الذي يخفِضُ الكفارَ بالشقاء، ويرفعُ المؤمنين بالإسعاد.
ومن أسمائه “المُعِزُّ – المُذِلُّ”: فهو الذي يُؤتي المُلك من يشاء وينزِعه ممن يشاء، ومَن رَزَقَهُ اللهُ القناعةَ فقد أعزَّه، ومَن سَلَّطَ عليه الحرص فقد أذلَّه.
ومن أسمائه “المُبدئُ – المُعيد”: فهو الذي بدأ بخلق الموجودات ثم هو الذي يعيدها.
ومن أسمائه “المُحيي – المُميت”: فهو الذي أوجد الموت والحياة ليبلوَ عبادَه أيهم أحسن عملًا.
ومن أسمائه “المُقدِّمُ – المُؤخِّر”: فهو الذي يُقرِّب مَن شاء من عباده إليه ويُبعِدُ من شاء.
ومن أسمائه “الأول – الآخر”: فهو الأول الذي استفادت الموجوداتُ الوجودَ منهُ، والآخر الذي ترتقي إليه درجات العارفين، وهو الأول الذي لا ابتداء له، والآخر الذي لا انتهاء له.
ومن أسمائه “الضارُّ – النافِع”: فهو الذي يُقدّر الخير والشر، والنفع والضُّر، وكل ما في الكون من أسباب مسخرٌ تحت قدرتِهِ.
ومن أسمائه “المُؤمِن”: فهو الذي يُنسب إليه الأمن والأمان بإفادة أسبابه، وكلُّ الموجودات محتاجةٌ إلى أمنه.
ومن أسمائه “الحَفيظ”: فهو الذي أدام وجود الموجودات بحفظها.
ومن أسمائه “المانِع”: فهو الذي يَرُد ويمنَع أسباب الهلاك والنقصان عن خلقه، والمنع يراد للحفظ.
الفكرة من كتاب المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى
تبلُغ معرفة معاني أسماء الله تعالى في الدين الإسلامي مبلغًا عظيمًا، إذ ورد في حديث أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن لله عز وجل تسعةً وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة”، ولمّا كان كمال العبد وسعادته في التحلي بمعاني صفات الله -عز وجل- وأسمائه بقدر ما يُتصور في حقه
كان التعرف على معاني هذه الأسماء ونصيب العبد من التحلي بكل اسم منها من أشرف المعارف التي تقرب العبد من ربه وتوصله إليه، وللعباد حظوظ في التحلي بمعاني صفات الله بقدر سعيهم وتَرقّيهم في معرفتهم بمعانيها، ونحن نذكر في هذا الكتاب معنى كل اسم من أسمائه -سبحانه وتعالى- وحظ العبد من الاتصاف به.
مؤلف كتاب المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى
أبو حامد الغزالي: إمام عصره في الفقه وعلم الكلام والتصوف، تصدَّرَ لتدريس العلم وهو ابن العشرين وطُلِبَ بالاسم من الخليفة للتدريس في المدرسة النظامية ببغداد، وهي منارة العلم في عصره، وكان يحضر مجلسه المئات من طلبة العلم، توقف عن التدريس وبدأ رحلته في التصوف التي استمرت عشرةَ أعوام والتي كتب فيها كتابه إحياء علوم الدين، ثم عاد بعد ذلك إلى بغداد وتصدر للتدريس مرةً أخرى حتى وافته المنية عام 505 هجريًّا.
من مؤلفاته:
إحياء علوم الدين.
أيها الولد.
الاقتصاد في الاعتقاد.