ألم بلا هدف
ألم بلا هدف
لما لم يجد كثير من المحتجِّين بوجود الشر على عدم وجود الله أن حجتهم صحيحة ومقنعة، ووجدوا أنه لا تعارض بين كون الله موجودًا وبين كون الشر موجودًا عمدوا إلى نوع آخر من الشر موجود في الكون وهو ما يعرف بالشر المجاني، وهو الشر الذي ليس له هدف ولا يراد به غاية كمعاناة بعض الأطفال بأمراض مزمنة مثلًا، واستدلُّوا بذلك على أن الله العليم القدير الرحيم لا يمكن أن يصدر منه هذا النوع من الشر الذي لا هدف له، وما دام الأمر كذلك فهو غير موجود.
إن هذا النوع من الشر لا ينبغي النظر إليه نظرًا مستقلًّا عن الخير الموجود في العالم، ذلك أن المستدلين بالشر المجاني على عدم وجود الله يعمدون إلى تضخيمه، على الرغم من أن المقرر أن الشر أقل من الخير بكثير وإلا لما صلحت الحياة على الأرض، ثم إن الزعم بأن هذا الشر لا هدف له هو كلام بلا معنى لأن عدم علمنا بالهدف لا ينفي وجوده، فالأصل أن الحكمة والغاية ثابتة في أفعال الله، وجهلنا بالهدف من شيء ما لا يبطل هذا الأصل، ولو كان كلما حدث شر في الكون بيَّن اللهُ هدفه وغايته لضاع معنى الابتلاء.
إن من المسلَّمات التي يقر بها الناس هي قصور أدوات الإنسان الإدراكية، فللعقل حدود، وللنظر والسمع حدود، وعليه فإن تفاصيل حكمة الله من وجود كل شيء يعجز الإنسان عن معرفتها وإدراكها كلها.
الفكرة من كتاب مشكلة الشر ووجود الله
لقد أصبح الإلحاد ظاهرة موجودة وتحدِّيًا واقعًا، وليست محاربته بمجرد التنفير منه بوسيلة مجدية، وإنما يجب التصدي له بردود علمية وبراهين قاطعة، ولأن مشكلة الشر من أبرز شبهاته؛ فإن هذا الكتاب يعرضها من خلال التأصيل لها ببيان معنى الشر وماهيته، وبيان أنواع الشر الموجود في الكون وتقديم إجابة عن كل نوع، وهذا كله طبقًا للعقيدة الإسلامية.
مؤلف كتاب مشكلة الشر ووجود الله
سامي عامري: مؤلف وباحث تونسي، حاصل على الدكتوراه في مقارنة الأديان، ومهتم بمناقشة قضايا الفكر والإلحاد والمذاهب الفكرية المعاصرة.
له عدد من المؤلفات منها: “براهين وجود الله” و”براهين النبوة” و”فمن خلق الله!”.