ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً
ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً
إن بداخل كُل مِنّا مُضغة صغيرة يكمن فيها سر سعادة الإنسان أو تعاسته، وكذلك سر صلاحه أو فساده، ألا وهي القلب، وهذا مُثبت في أحاديث رسول الله ﷺ إذ يقول: “أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ”، ولكن هذا القلب ليس ثابتًا على حالٍ واحدة، إنما هو شديد التقلُّب، فهو تارَةً في غفلةٍ عن الخالِق ينظُر إلى المخلوقات ويهتم بحب الدنيا، وتارَةً أخرى لا يهتم سوى برضا خالقه عنه.
وفي هذا هناك قاعدة في أديان أخرى تقول إن هذه الدُّنيا مُعاناة سببها تعلق القلب بشهوات الدنيا، وللتخلص من هذه المعاناة يجب التخلص من هذا التعلُّق، وقد حدد علماء المسلمين ثلاثة مساوئ رئيسة لهذه الحالة، وهي على النحوِ التالي: أنه شُغلٌ لا يفرغ منه أبدًا، ووهمٌ دائم لا يتركه أبدًا، وعدم رضًا لا يزولُ أبدًا.
ولكننا مع ذلك لا نقول للإنسان أن يعتزل الدنيا ويزهدها، فأحد العلماء يقول: “إن الزهد ليس أن تعتزل الدنيا، ولكن الزهد الحقيقي هو أن تملك الدنيا، ولكن دون التعلُّق بها”، إذ إن الإنسان عليه أن يبدع في كل المجالات المُتاحة أمامه، ولكن أيضًا عليه أن ينوي فعل هذا بنية أخروية، فينام بنية شحن بدنه ليقوى على العبادة في اليوم التالي، ويعمل بنية عمارة الأرض التي استخلفنا الله فيها، ويتنزه مع الأصدقاء بتذكُّر أخوتهم في الله جميعًا، فقد يفعل شخصان الأشياء نفسها ظاهريًّا، ويكون لكل واحِد منهما نتيجة مختلفة في الآخرة، والسبب يرجع إلى النية، ومحلها القلب، لذلك كان أحد الصالحين يدعو الله -عز وجل- فيقول: “اللَّهُمَّ اجْعَلِ الدُّنْيَا فِي يَدِي وَلَا تَجْعَلْهَا فِي قَلْبِي”.
الفكرة من كتاب خواطر شاب
يقول الفيلسوف والحكيم اليوناني سُقراط: “إن الحياة الحقيقية هي البحث المتواصل عن العِلم الحقيقي”، وهذا تمامًا ما حواه هذا الكِتاب بين دفتيه، فهو يُعد خُلاصة تجارِب الكاتب وفِكره بعد أن تأرجح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، فكتب مجموعة من المقالات يُخاطب بعضُها القلب والروح، وبعضها الآخر يخاطب العقل والفكر، أما الجزء الثالث منها فيدور حول تطوير الذات وتنميتها.
مؤلف كتاب خواطر شاب
أحمد الشقيري: إعلامي سعودي الجنسية، حصل على درجة البكالوريوس في تخصص إدارة النُّظُم من إحدى الجامعات في مدينة (لونج بيتش – Long Beach) بولاية كاليفورنيا في الولايات المُتحدة الأمريكية، بدأ مسيرته بتقديم البرامج الفكرية التليفزيونية التي تحث الشباب على النُّضج عام 2002م، وذاع صيته في المملكة العربية السعودية والوطن العربي بعد تقديمه سلسلة برنامِج “خواطر” تحديدًا.
له عِدّة مؤلفات أخرى، ومنها:
أربعون.
رحلتي مع غاندي.
خواطر 2.
خواطر شاب من اليابان.
لو كان بيننا.