أكذوبة التقدم والحداثة
أكذوبة التقدم والحداثة
يشير ورجيه إلى المفاهيم الخاطئة للتقدُّم والتي كرَّسها أصحابها لدرجة أن أصبحت الأساس لهذا العصر، حيث التقدُّم هو السيطرة والتنافس على الأسواق والتملُّك، ومفهوم التقدم هو النمو العلمي والتقني، وعن طريقه تُقاس قدرة الإنسان على الطبيعة، وعلى الآخرين من البشر، وهو أيضًا ذو دلالة عندما نرى أن العصور الإنسانية قد استمدَّت أسماءها من التقنيات المسخدمة فيها كعصور الحجارة والبرونز وعصري ماكينة البخار والذرة.
ولكن عندما ينطوي مفهوم التقدم على قاسم مُشترك يكمن في “اقتصاد السوق”، تُصبح كل القيم قيمًا سلعية، نستطيع قياسها بوحداتٍ نقدية، وهكذا وُلدت ما أسماها الكاتب “الحضارة الكمية”.
ونحنُ نرى تلك العلاقات البشرية مع الطبيعة، حيث الدمار الذي نشأ في مختلف أنحاء الأرض، وفي امتلاك القوى النووية ذلك المخزون القادر على إزالة كل أثرٍ للحياة، وهذا هو منطق السوق، حيث استغلال كل شيء ممكن بدون النظر لأي شيء إنساني، فقط للربح والسيطرة.
وعندها يظن الإنسان بقدرته التقنية الجبارة تلك، أنه يستطيع فعل كل شيء، طارحًا دائمًا سؤال “كيف؟”، ولكن لم يطرح أبدًا “لماذا؟”.
من هذا المفهوم الخطأ للتقدم يخرج مفهوم الحداثة الذي يعني سيطرة العلوم والتقنيات، حيث العقل الذي يرتبط بحكمة الغاية تبرر الوسيلة، ويكون المال هو النظام الذي تُختزل فيه كل القيم إلى قيمٍ سلعية، أما الدين فلا يدخل في الحداثة، فقد اعتُبر من التقاليد القديمة.
يعني ذلك المفهوم أن منهج الحداثة تسيطر عليه فكرة الانشقاق عن التراث، لكن الحقيقة تكمن في أن المعرفة العميقة للماضي ومتطلبات تجديده هي الحل الأكبر للإجابة عن مشكلات مُستحدثة يواجهها العالم.
الفكرة من كتاب حفارو القبور
لم يصبح العالم مكانًا مناسبًا لأي وضع إنساني، عالم تتغذى فيه الدول الكبرى على حروب ونزاعات العالم الثالث، حيث عدم التوازن، كل شيء مُباح لأجل مصالح سياسية، كل شيء له قيمة وثمن بما في ذلك أي صمت عالمي تجاه كل ما هو ضد الإنسانية.
يناقش روجيه جارودي، عددًا من المشكلات السياسية والوضع العالمي، والتفاوت الحادث بين الدول الكبرى ودول العالم الثالث، مُتجهًا إلى الحلول الممكنة للتحرر الحقيقي للعالم، وصولًا إلى وحدته.
مؤلف كتاب حفارو القبور
روجيه جارودي (1913 – 2012): فيلسوف وكاتب فرنسي، بدأ حياته بالعمل أستاذًا في الفلسفة، ثم انخرط في السياسة كنائب في البرلمان، وعضو في الحزب الشيوعي الفرنسي الذي طُرد منه لانتقاداته للاتحاد السوفيتي.
عُرف في العالم العربي بعد اعتناقه الإسلام، وتأليفه عددًا من الكتب الخاصة بنظرة الإسلام إلى الوضع السياسي العالمي.
من أبرز كتبه ومؤلفاته:
المسجد مرآة الإسلام.
الإسلام دين المستقبل.
الولايات المتحدة طليعة التدهور.
الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية.