أكبر خطأ استراتيجي وقعت فيه الولايات المتحدة الأمريكية

أكبر خطأ استراتيجي وقعت فيه الولايات المتحدة الأمريكية
تكمن قوة الولايات المتحدة الأمريكية في خلق انطباع بين شعوب العالم أنها دولة تعرف ما تريده، وتتعامل بنجاح مع مشكلاتها الداخلية ومسؤولياتها بصفتها قوة عالمية، وما تمتلكه من حيوية روحية تمكنها من الحفاظ على نفسها أمام التيارات الأيديولوجية، ومكنتها هذه القوة من الانتصار على الاتحاد السوفيتي، لكن الواضح الآن بما لا يدع مجالًا للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلك استراتيجية شاملة طويلة المدى في تعاملها مع الصين، فرغم غضب الصين من الهجوم الأمريكي على شركة “هواوي”، فإن على القادة الصينيين أن يدركوا أن ترامب ومستشاريه قدموا إلى الصين عديدًا من المكاسب على المدى الطويل.

أيام الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة تتولى زمام المبادرة، وظهر ذلك في إنشاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبناء بنية متعددة الأطراف في العالم، وإنشاء نظام بريتون وودز | Bretton Woods، ووضعها خطة مارشال، أما اليوم فالصين هي التي تتولى زمام المبادرة، ويظهر ذلك في بناء بنية جديدة متعددة الأطراف، وإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار، وإنشاء مبادرة الحزام والطريق، وقد أثبت البنك الآسيوي للاستثمار أنه مؤسسة أفضل من صندوق النقد والبنك الدولي، لأنه أكثر شفافية وحوكمة. وبينما تظهر الصين أمام العالم أنها عضو مستقر مضمون في النظام العالمي المتعدد الأطراف، فإن أمريكا في عهد ترامب كشفت عن فوضوية غير متوقعة، وزاد الأمر سوءًا بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين بنسبة 25% في عام 2018م، وقد أدت هذه الرسوم إلى تقويض القدرة التنافسية للشركات الأمريكية، وأثرت في المستهلكين الأمريكيين أكثر من المستهلكين الصينيين، وهذا يؤكد مقولة “ويجيان شان | Weijian Shan”: “إن الولايات المتحدة لا تكسب الحروب التجارية”.
يُعد “الدولار” مصدر قوة رئيسًا للاقتصاد الأمريكي بوصفه عملة احتياطية عالمية، ففي الوقت الذي يعمل فيه العمال الصينيون بجد لإنتاج سلع منخفضة التكلفة، لتصديرها إلى العالم والحصول على الدولار الذي يمكن الحكومة الصينية من استخدامه في شراء احتياجات الصين من طعام ومواد خام من دول أخرى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ليس عليها إلا طباعة “الدولار”، وهو ما يمكنها من الإنفاق أكثر مما تجمع من الدخل وسد العجز في ميزانتيها وجعل أسعار الفائدة الأمريكية منخفضة، وهنا تجب الإشارة إلى أن الدولار يمكِّن الولايات المتحدة الأمريكية من تمويل نمط حياة للأمريكيين يتجاوز إمكانياتها، إلى جانب القدرة على إدارة عجز تجاري كبير لا تستطيع تحمله دون وجود الدولار بصفته عملة احتياطية عالمية.
الفكرة من كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
يستعرض الكاتب الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على الهيمنة على العالم، ويبين أن الصراع حتى وقت قريب كان اقتصاديًّا وسياسيًّا، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح يأخذ منحًى جديدًا تَمَثَّل في سباق تكنولوجي غير مسبوق بين الدولتين، ويكشف الكتاب بشكل موضوعي السياسة الخارجية للبلدين، والسياسة الخارجية لكل بلد تجاه الآخر، كما يبين أننا في خضم حرب باردة ثانية
لكنها ليست أيديولوجية كما كانت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، بل حرب باردة سلاحها التكنولوجيا العالية التقنية، إلى جانب التنافس على القيم السياسية، فالصين تولي اهتمامًا لمبدأ الكفاءة في الحكم، وهو نموذج أصبح له رواج حول العالم، على عكس الغرب الذي يتبنى الديمقراطية التمثيلية.
مؤلف كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
كيشور محبوباني: بروفيسور سنغافوري وعميد كلية لي كوان يو للسياسة العامة التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، شغل منصب وزير خارجية سنغافورة، ومنصب ممثل سنغافورة الدائم في الأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. من مؤلفاته:
هل يستطيع الآسيويون التفكير؟ فهم الهوة بين الشرق والغرب.
ما بعد عصر البراءة، إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالم.
نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الحتمي للقوة العالمية نحو الشرق.
معلومات عن المترجمات:
أسماء سيد عبد الخالق، ودينا أسامة السيد، وسمر عبد الله عطوة، ومنى هاني محمد، وهدير حسن أبو زيد، جميعهن من قسم البحوث والدراسات.