أكبر خطأ استراتيجي وقعت فيه الصين

أكبر خطأ استراتيجي وقعت فيه الصين
إن أكبر خطأ وقعت فيه الصين هو تنفير الأوساط المناصرة لها داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فعندما أعلن الرئيس الأمريكي “ترامب” الحرب التجارية ضد الصين، لم يُسمع صوت واحد مدافع عن الصين، بينما في التسعينيات كانت توجد أوساط تجارية داخل أمريكا تدافع عن الصين ضد جهود إلغاء وضع الصين دولةً أولى بالرعاية، فماذا حصل؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا سرد قصة من قصص نجاح الشركات الأمريكية مثل بوينج | Boeing وجنرال موتورز | General Motors وفورد | Ford وتحقيقها لأرباح كبيرة في الصين، فمثلًا شركة جنرال موتورز باعت 3.64 مليون سيارة في الصين عام 2018م، كما مثلت مبيعاتها في الصين 42% من إنتاجها عام 2017م، ويرجع هذا النجاح إلى اتخاذ الصين قرارًا سياسيًّا بعدم الاعتماد على شركات صناعة السيارات الأوربية واليابانية لتوفير السيارات للشعب الصيني، ومن ثم أعطت مزايا خاصة لشركات صناعة السيارات الأمريكية.

لكن في الآونة الأخيرة أسهمت ثلاثة عوامل رئيسة في نفور الأوساط التجارية الأمريكية من الصين، العامل الأول: الاستقلال السياسي النسبي لرؤساء المقاطعات والمدن الصينية، فعلى سبيل المثال لم تلتزم الشركات الصينية بالاتفاقات الموقعة بينها وبين الشركات الأمريكية، بالإضافة إلى سوء معاملة المستثمرين الأجانب والمحاباة للشركات المحلية، والسياسات الاقتصادية الصينية غير العادلة المطالبة بنقل التكنولوجيا وسرقة الملكية الفكرية. العامل الثاني: الغطرسة الصينية بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008م، فقبل هذه الأزمة كانت الصين تقول بشكل مهذب: “هذا ما تفعلونه، وهذا ما نفعله”، لكن بعد الأزمة المالية تغيرت نبرة الصين، وأصبحت تقول: “لديك طريقتك الخاصة، ولدينا طريقتنا الخاصة، وطريقتنا هي الصحيحة”، كما ذكر أحد الدبلوماسيين البريطانيين أنه عندما كان في زيارة إلى الصين عام 2011م قيل له: “ما عليك أن تتذكره أنك قادم من دولة ضعيفة متدهورة”. العامل الثالث: القيادة المركزية الضعيفة نسبيًّا، فقد كان العقد الأول من القرن العشرين فترة من الضعف النسبي الذي أدى إلى الانقسام وتصاعد الفساد، وسوء إدارة الصين لشؤونها الخارجية.
إن الحل أمام الصين يكمن في التخلي عن عقلية “المملكة الوسطى”، فعندما انعزلت عن العالم وحبست نفسها تعرضت لقرن من الإذلال الصيني على أيدي الأجانب، ومن ثم يجب على الصين أن تتعلم الدرس وتغير من عقليتها الفلسفية، وتنفتح على العالم وتشجع الاستثمار فيها، وتعمل على إشراك الأوساط التجارية الغربية، لأن ذلك سوف يخدم مصالحها الوطنية على المديين القريب والبعيد.
الفكرة من كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
يستعرض الكاتب الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على الهيمنة على العالم، ويبين أن الصراع حتى وقت قريب كان اقتصاديًّا وسياسيًّا، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح يأخذ منحًى جديدًا تَمَثَّل في سباق تكنولوجي غير مسبوق بين الدولتين، ويكشف الكتاب بشكل موضوعي السياسة الخارجية للبلدين، والسياسة الخارجية لكل بلد تجاه الآخر، كما يبين أننا في خضم حرب باردة ثانية
لكنها ليست أيديولوجية كما كانت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، بل حرب باردة سلاحها التكنولوجيا العالية التقنية، إلى جانب التنافس على القيم السياسية، فالصين تولي اهتمامًا لمبدأ الكفاءة في الحكم، وهو نموذج أصبح له رواج حول العالم، على عكس الغرب الذي يتبنى الديمقراطية التمثيلية.
مؤلف كتاب هل انتصرت الصين؟ التحدي الصيني للسيادة الأمريكية
كيشور محبوباني: بروفيسور سنغافوري وعميد كلية لي كوان يو للسياسة العامة التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، شغل منصب وزير خارجية سنغافورة، ومنصب ممثل سنغافورة الدائم في الأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. من مؤلفاته:
هل يستطيع الآسيويون التفكير؟ فهم الهوة بين الشرق والغرب.
ما بعد عصر البراءة، إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالم.
نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الحتمي للقوة العالمية نحو الشرق.
معلومات عن المترجمات:
أسماء سيد عبد الخالق، ودينا أسامة السيد، وسمر عبد الله عطوة، ومنى هاني محمد، وهدير حسن أبو زيد، جميعهن من قسم البحوث والدراسات.