أطياف مرئية وغير مرئية
أطياف مرئية وغير مرئية
تتعدَّد الأطوال الموجية للضوء بين ما يمكن رؤيته وما يصعب علينا نحن البشر رؤيته، وعند أطوال معينة يصبح مجرد التعرض لتلك الأطوال الموجية ضارًّا علينا وذلك عند الأشعة فوق البنفسجية، إلا إن هناك تساؤلًا يطرح نفسه: من قال إننا الوحيدون الذين نتعرَّض للأطوال الموجية على اختلافها ومن قال إننا المنتفعون أو المتضررون الوحيدون منها؟
النباتات والحشرات والأسماك والطيور، تقريبًا كل ما يمكن أن نطلق عليه مسمى “كائن حي” يتقاسم معنا الاستفادة، بل والتضرُّر من التعرُّض للضوء؛ الحشرات مثلًا على الرغم من أن إحساس الكثير منها بالألوان ضعيف فإنها تستطيع رؤية الأشعة فوق البنفسجية الجذابة لها، الأسماك مثلًا تختلف عن الحشرات في كون الأشعة فوق البنفسجية لا تصل إليها أصلًا تحت الماء، على عكس الإشعاع الأحمر الذي تباينت حوله مواقف الأسماك بين المحبة والعداوة، فقد لوحظ عمومًا أن نمو الأسماك وإنتاجها للبيض يتأثر بالأطوال الموجية المختلفة التي يتعرض لها أيضًا.
النبات كذلك يتأثر نموه بلون الضوء الذي يتعرض له وبالمدة أيضًا، ولا يخفى علينا وجود أنواع تتفتَّح أو تعتمد في نموها على النهار وأخرى في الليل، ما ألجأنا إلى استعمال الإضاءة الصناعية لتسريع إنتاج بعض المحاصيل الزراعية، وبالنسبة لنا نحن البشر، فالتعرُّض للضوء بشكل مناسب مهم للعديد من العمليات الحيوية وللوقاية من بعض الأمراض الناتجة عن التعرُّض الشديد للضوء أو عدم التعرُّض له، في النهاية تبقى الأضرار الناشئة عن تأثير التعرُّض للألوان أو الضوء بشكل عام فينا مؤقَّتة ويمكن معالجتها.
الفكرة من كتاب الألوان والاستجابات البشرية
لا بد أنه مر عليك يوم وشاهدت فيلمًا بالأبيض والأسود على شاشة التلفاز، ثم راودك سؤال طفولي ساذج: ترى كيف كانوا يعيشون هكذا؟
بالطبع لم تكن حياتهم بيضاء وسوداء ورمادية، فالألوان لم تكن أبدًا وليدة زماننا، بل إن الإنسان منذ الأزل يستعملها في أمور حياتية عديدة منها ما لا يمكن أن يخطر على بالك أبدًا، إلا إنها في القدم لم تكن تُستعمل للأغراض الجمالية كاليوم، ولم تكن لوحة الألوان موسَّعة، وإنما كانت مقتصرة على ألوان محدَّدة أساسية للتعبير عن أمور معينة.
فقد استعمل الإنسان القديم الألوان للزينة والعنصرية ولتمييز الآلهة، بل وتمييز الشعوب والثقافات والأعراق والطبقات الاجتماعية أيضًا، إضافةً إلى تمييز الطقوس كطقوس الزفاف والموت والبلوغ والنصر والهزيمة والسلام، إلى آخره، ولكلٍّ منها لون ولكلِّ لون دلالة، وما يتخذه بلد ما من لون معين للدلالة على معنى معين قد يتخذه بلد آخر على النقيض، وما زالت استعمالات الألوان على هذا النحو شائعة في بعض البلاد وعند بعض القبائل، بل وحتى في الأوساط العريقة ولدى الطبقات المثقفة، في خلال الفقرات الآتية سنحاول المرور على الآثار العديدة لوجود الألوان واستعمالاتها، والتي سلط الكتاب الضوء عليها.
مؤلف كتاب الألوان والاستجابات البشرية
فيبر بيرين: أحد أبرز المتخصِّصين والمستشارين في مجال الألوان وخصائصها العلمية والتاريخية والفنية، وقد كرَّسَ ٣٠ سنة من حياته في إجراء أبحاثٍ عن الألوان والاستجابات البشرية، ويعمل محاضرًا في مختلف أنحاء العالم، وباعتباره مستشارًا في استخدام الألوان فقد قدم استشاراته لعدد من المؤسسات والشركات الحكومية والمدارس والقوات المسلحة أيضًا.
من مؤلفاته:
Creative Color
Color: A Survey in Words and Pictures
The Symbolism of Color
Principles of Color: A Review of Past Traditions and Modern Theories of Color Harmony.
معلومات عن المترجمة:
صفية مختار: كاتبة وشاعرة ومترجمة، خريجة كلية الألسن جامعة عين شمس بالقاهرة، ترجمت العديد من الكتب مع مكتبة جرير، وعملت مترجمة مع مؤسسة هنداوي للكتب، نشر لها العديد من الأعمال في صحف مصرية كـ”المصري اليوم”، وجريدة “الشارع”، ولها مجموعة قصصية بعنوان “وسال على فمها الشيكولاتة” عن دار “اكتب” للنشر والتوزيع، ومما ترجمته من الكتب:
المسار السريع للتسويق.
أقصى إنجاز لبراين تريسي.
المسار السريع للأمور المالية.
كما ترجمت بعضًا من روايات أجاثا كريستي وبعضًا من سلسلة “شوربة دجاج للحياة”، عن دار جرير.