أطفالنا وعلم النمو
أطفالنا وعلم النمو
يهتم علم النفس الارتقائي بدراسة السلوك البشري عبر مراحل النمو المختلفة من الحياة الجنينية إلى الشيخوخة، ويدرس الاضطرابات التي تعترض النمو العقلي أو الانفعالي، ويُعد جان بياجيه رائد هذا الحقل ودرس لخمسين عامًا العلاقات المتبادلة بين الاستعدادات العصبية أو الفكرية أو الخبرات البيئية في نمو قدرات الطفل وتطور منطقة، ويرى أن عمليات التعلم يجب أن توافق مرحلة النمو، فلا يمكن تعليم الأطفال في مراحلهم المبكرة على استخدام اللغة المجردة في حين يعتمد تفكيره على المحسوسات، ويعتقد الطفل أنه مركز العالم ثم يتغير إدراكه بالتوازي مع مرحلة نمو يكون قادرًا فيها على الفصل بين ذاته والعالم.
تؤثر الحالة الصحية للأم في صحة الطفل الجسمية والنفسية؛ فالحصبة الألمانية في الأم قد تسبِّب العمى والصمم والتخلف العقلي في الجنين، ومرور الأم بخبرات القلق خلال الحمل قد ينتج أطفالًا كثيرة الصياح والشغب، ومنذ الأيام الأولى يستطيع الطفل التفريق بين الأجسام والصور الفوتوغرافية، وتتولَّد ميول الانتماء في الشهر الثالث ويتعلق بأمه، فيكون للانفصال المفاجئ بين الأم والطفل في هذا التوقيت عواقب وخيمة تشبه اكتئاب البالغين، ويرى بعض العلماء أن الانفصال في ذاته ليس مشكلة ولكن الافتقار إلى وجود رعاية الأمومة والأبوة، فيمكن تلافي هذا بالرعاية الحسنة.
يرى إيركسون أن التطور الاجتماعي في المراحل المبكرة يأخذ شكل الصراع بين الثقة وعدم الثقة، فالثقة نتيجة بحث الطفل عن إشباع حاجاته، وعدم الثقة عندما تُواجه حاجاته بالكف والتهديد فتتكوَّن لديه مشاعر الشك والخوف، ومع بلوغ الطفل الرابعة تتسع دائرته الاجتماعية ويميل الذكر إلى محاكاة أبيه والأنثى إلى تقليد أمها، وتتحوَّل معظم أنشطته إلى لعبة تزعج الآباء وتُسعد الأبناء، ويأخذ اللعبة شكل الجدية وتمثيل أدوار الكبار وظهور الحس الإبداعي كالرسم والتلوين.
الفكرة من كتاب الإنسان وعلم النفس
إنَّ ما نعرفه عن الإنسان أقل بكثير مما نعرفه عن العالم المادي، وكم من رجل يستطيع قيادة سيارته بسهولة ولكن ليس له حظ في قيادة ذاته وتقييم تصرفاته، ورغم ذلك باتت بحوث علم النفس تقدِّم اقتراحات لتحسين مستوى الحياة والتعامل مع مشكلات البيئة والمجتمع، وما اجتمع لعالم النفس اليوم يجعله قادرًا على أن يقدم مشورته في كل مجالات الحياة تقريبًا، وأن يعطي استبصارات يمكن توظيفها لخدمة الإنسان في بنائه النفسي والصحي وعلاقاته بالآخرين، ويقدم العالم الجليل الدكتور عبد الستار إبراهيم إطلالة عامة على المراحل التاريخية التي مر بها علم النفس وكيف يتم إنتاج العلم داخل حقل علم النفس الحديث، وتقاطعات أبحاثه مع أطوار الإنسان العمرية المتواترة والمشاكل التي تعترض كل مرحلة، وعلاقته مع البيئة والمكان والمجتمع.
مؤلف كتاب الإنسان وعلم النفس
الدكتور عبد الستار إبراهيم: ولد بالأقصر عام ١٩٣٩، وتخرج في قسم علم النفس جامعة عين شمس، وحاز الدكتوراه من جامعة القاهرة، وعمل زميلًا زائرًا بجامعة ميشيغان بأمريكا، ومستشارًا نفسيًّا لعدد من العيادات النفسية في مصر والولايات المتحدة، ويعمل حاليًّا أستاذًا بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وله بحوث منشورة في عدد من المجلات العربية والأجنبية، وله مؤلفات منها:
– علم النفس الإكلينيكي في ميدان الطب النفسي.
– السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة.