أطروحات لتفسير الإخفاق
أطروحات لتفسير الإخفاق
رغم مقدار ما بذل من مجهودات كبيرة في فترات عصر النهضة، لم تنتج ردة فعل طويلة المدى على مستقبل الأمة العربية والإسلامية، وتعددت التحليلات التي تتناول أسباب ذلك الفشل، نتناول هنا ثلاث أطروحات، لا نقصد من ذلك الحصر ولكن نفضلها حسب قوة التأثير، الأطروحة الأولى للدكتور حسن حنفي أحد أهم الباحثين في الشؤون الفكرية، وترى أنه كلما حاول العالم الإسلامي النهوض وظهرت بوادر التعافي والتحسن، ضُرب بصدمة قاسية تسبب له إجهاض تلك الجهود، فيعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، وهكذا تتتابع كبوة الإصلاح والإجهاض المستمر عبر السنين.
أما الأطروحة الثانية بقلم الدكتور رضوان السيد، الذي لاحظ تراجعًا مستمرًّا في مستوى المفكرين والعلماء المتصدرين لحركات الإصلاح، فمنذ جمال الدين الأفغاني مرورًا بمحمد عبده إلى محمد رشيد رضا ومن بعده، كانت درجة اطلاعهم وانفتاحهم على الآخر وحتى لغة خطابهم في انخفاض مستمر، مما أثر بطبيعة الحال في مستوى الحركة نفسها وردود أفعالها على الأحداث المحيطة بالعالم الإسلامي، بجانب تبدل القضية المركزية التي تشغلها، من النهضة والتقدم إلى الهوية وطرق الحفاظ عليها.
وأخيرًا الأطروحة الثالثة على يد عبد الإله بلقزيز، الذي فرق بين عصر الإصلاح والنهضة الممتد ما بين منتصف القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وعصر الصحوة أو الإحياء المعاصر، فتميز الأول ومفكروه بالتصالح مع عصرهم وتقبل مرارة التأخر والانفتاح لنهل المنجزات العصرية، بينما انغلقت الحركة المعاصرة على نفسها وأحست بالخطر على هويتها، وكانت تقدم في مضمونها مشروعًا سياسيًّا للحكم، بينما كانت حركة الإصلاح تهدف إلى التثقيف والتكوين الذاتي للأفراد.
الفكرة من كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
عندما نسمع مصطلح عصر النهضة، ما أول شيء يقفز إلى أذهاننا؟ أراهن أننا نتخيل الفترة التي امتدت ما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر في أوروبا، يرجع هذا إلى عوامل كثيرة منها سطوة الفكر الغربي على الحياة الفكرية المعاصرة، بالإضافة إلى جهلنا بالجذور الفكرية لأمتنا.
إذ إننا نمتلك أيضًا عصرًا للنهضة، حاول فيه علماء ومفكرون أجلاء بعثَ الأمة الإسلامية والعربية من مرقدها، وتنوعت إسهاماتهم في مختلف المجالات الفكرية والدعوية والاجتماعية والسياسية، فما ملامح تلك الفترة الزمنية؟ متى بدأت؟ وأين انتهت؟ ولماذا؟ ومن الذين أخذوا على عواتقهم مسؤولية محاربة الجهل والخرافات المسيطرة وقتها؟ وهل ما زالت لتلك الفترة آثار في عالمنا المعاصر؟
مؤلف كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
زكي ميلاد، كاتب وباحث ومؤلف سعودي الجنسية، ولد في القطيف عام 1965م، اهتم بالفكر الإسلامي المعاصر دراسة وتأليفًا، وهو عضو في العديد من الهيئات الاستشارية الفكرية والمؤسسات المختلفة، كما أنه رأس تحرير مجلة الكلمة المهتمة بشؤون الفكر الإسلامي ببيروت، له العديد من المؤلفات، كتبًا وتراجم ورسائل منها:
محنة المثقف الديني مع العصر.
المسألة الحضارية.. كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟
كما أنه نشر مئات المقالات في العشرات من المنابر الإعلامية في مختلف عواصم العالم العربي.