أضاء منها كل شيء
أضاء منها كل شيء
في الهجرة إلى المدينة المنوَّرة، وحينما وصل الرسول (صلى الله عليه وسلم) إليها، استقبله أهلها مسرورين فرحين، فبدت المدينة ذلك اليوم في أشد حُلَّة وجمالًا، ويصف أنس بن مالك (رضي الله عنه) هذا اليوم في قوله: “لما دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة أضاء منها كل شيء”.
فكان بني عمرو بن عوف بقباء هو أول مكان نزل فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولبث فيهم بضع عشرة ليلة، وأسَّس المسجد الأوَّل في الإسلام، ثم ركب راحلته (صلى الله عليه وسلم)، وسار بين الناس، وتسابق الجميع ليكون رسول الله عنده، حتى بركت ناقته القصواء، وكان محل بروكها هو المسجد النبوي الشريف.
بدأ الصحابة (رضوان الله عليهم) في بناء المسجد، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعمل معهم، معينًا لهم، فكانت تربيته (صلى الله عليه وسلم) لهم بالفعل لا بمجرد القول، فمن وعظ بكلامه زلَّت سهامه، ومن وعظ بفعله أصابت سهامه.
فكانت مساحة المسجد سبعين ذراعًا في ستين ذراعًا، وجُعِلت سواريه من الخشب، وجعل في وسطه رحبة، ولما تم بناء المسجد، قام النبي (صلى الله عليه وسلم) ببناء بيتين لزوجتيه حينها، وهما السيدة سودة وعائشة (رضي الله عنهما)، والبيت في عُرفهم كالغُرفة في عُرفنا.
وقد كان فرش سريره (صلى الله عليه وسلم) من جريد النخل في سعفة، وبساط يضطجع عليه من أدم حشوه من ليف.
وكان (صلى الله عليه وسلَّم) كلما أحدث زوجةً بنى لها حُجرة، حتى صارت تسع زوجات بتسع حُجرات مُتلاصقة قريبة، فكانت حُجرات النبي (صلى الله عليه وسلَّم) تُظهِر جليًّا كيف أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يرضَ بالدُنيا، بل رضي بما عند الله!
الفكرة من كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
إن البيوت الجليلة لا بُد أن تُعرف، ولا بد أن يسعى المُسلم ليتعلَّم منها حتى يكون بيته على نهج هذه البيوت الطيِّبة، وبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير بيت! فهو أكمل البشر وأحسنهم، وهو (صلى الله عليه وسلم) مُعلِّم الخلق بأقواله، وأفعاله، وأخلاقه، من غير تعنيف أو تنفير، يرحم الصغير ويوقِّر الكبير.
ولهذا جاء كتابُنا ليُبيِّن الجوانب المُهمة في حياة رسولنا (صلى الله عليه وسلم) من خلال واقعه الحياتي في بيته وحُجرات أزواجه الطاهرات الطيِّبات، وذلك عند معاملته (صلى الله عليه وسلم) معهن، والزائرين لديه، والداخلين إليه.
مؤلف كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
صفوان بن عدنان داوودي: ولد سنة 1960م، عالم مقرئ، وفقيه أصولي، ومحقِّق متقن، ومصنَّف مجيد، على مَكِنَة من علوم العربية والحديث.
ولد بدمشق، وابتدأ طلب العلم صغيرًا، حفظ كتاب الله وجوَّده، وحصَّل الفقه والتفسير والحديث واللغة، درس علوم الشريعة الإسلامية في جامعة مراد آباد في الهند، وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، واستقر بالمدينة المنوَّرة وأخذ عن عُلمائها الكثير من العلوم، والآن يقوم بالتدريس والإقراء في الحرم المدني الشريف، وتخرج به عدد من المشايخ في القرآن والقراءات والفقه والأصول والحديث واللغة.
من مؤلفاته:
زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن.
أُبيُّ بن كعب صاحب رسول الله وسيد القراء في زمانه.
قواعد أصول الفقه وتطبيقاتها.