أصول الدين
أصول الدين
إن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي وهبها الله (عز وجل) البشرية على يد نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم)، والقرآن يصف النبي بأنه بشير ونذير ومعلم، وتعليمه (صلى الله عليه وسلم) نوعان: أحدهما هو ذلك القرآن كلام الله الذي يعلِّمه للناس ويبيِّنه لهم، والثاني علم ألهمه الله إياه فيعلِّم الناس دينهم ودنياهم، وقد نُقل كثير من ذلك العلم على يد أمهات المؤمنين لا سيما السيدة عائشة والسيدة حفصة والسيدة أم سلمة (رضي الله عنهن)، وكان علمه (صلى الله عليه وسلم) مبينًا ومفصلًا لما في القرآن، فالصلاة مثلًا أمر بها الله في كتابه ولكن كان تفصيل عدد ركعاتها وسجودها وهيئتها بعلم الله للنبي الذي نُقِل إلينا في السنة النبوية المطهَّرة، ويقول طه حسين في ذلك: “ومن هنا نتبيَّن أن السنة التي تثبت عن النبي ثبوتًا قاطعًا أو راجحًا هي الأصل الثاني من أصول الدين بعد القرآن الكريم”.
وإعجاز القرآن الكريم يكثُر فيه الكلام ويطول، فهو الذي أعجز فطاحلة العرب من أهل الفصاحة والبيان، وليس شعرًا في صورته الظاهرة فلم يجرِ مجرى الشعر العربي من أوزان وقوافٍ وخيال ولم يشاركه موضوعاته، ومع كل ما فيه من إعجاز بمختلف صور الإعجاز فقد كان الذي يتحدث به لسان رجل من قريش لم يتعلَّم القراءة ولا الكتابة ولا الحساب، ولم يتلقَّ تعليمًا عند أحبار اليهود أو رهبان النصارى ولا الفلاسفة، ومع ذلك فكان يجادلهم بما أوحى إليه الله، ونظم القرآن أو أسلوبه في أداء المعاني خاص بالقرآن وحده، فليس شعرًا ولا نثرًا، وإنما “آيات مفصَّلة لها مزاجها الخاص في الاتصال والانفصال وفي الطول والقصر وفيما يظهر من الائتلاف والاختلاف” كما يقول الكاتب، وتختلف سور القرآن من حيث الأداء، فمرةً تجد السورة قد جاءت في هدوء ومهل إثارةً للتفكير والنظر والتروية، وسورة أخرى تقصر آياتها وتسرع وتتسق الفواصل وتنسجم وكأنما تأخذ السورة بمسامع الناس كالريح العاصفة لا مفر منها، وفي كلٍّ تجد من الاتساق والروعة والجمال ما يأخذ بالألباب.
الفكرة من كتاب مرآة الإسلام
يمر عالمنا العربي المعاصر بمرحلة ركود طويل حاول معها رواد الفكر وأعلام النهضة أن يخرجوا بأمتهم من ذلك الركود مرارًا، واختلفت المسالك والمناهج في ذلك واضطربت الأقدام وتعثَّرت الخطوات، ومن بين أولئك الذين حاولوا استنهاض الهمم للحاق بركب الأمم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، وكانت كتاباته تثير جدلًا واسعًا حتى شهدت حياته حدثًا فريدًا ومختلفًا غيَّر من بوصلته ووجهته، فما ذلك الحدث؟ وما الذي دعا إليه طه حسين؟
يجد القارئ في كتاب “مرآة الإسلام” عرضًا مكثفًا للسيرة النبوية ولأصول الدين ممزوجًا بعبارات اعتبرها البعض مراجعة فكرية لطه حسين وإيابًا روحيًّا له.
مؤلف كتاب مرآة الإسلام
الدكتور طه حسين: ولد بمحافظة المنيا بصعيد مصر سنة 1889م، وفقد بصره في سن مبكرة، وتتلمذ على يد شيوخ الأزهر الشريف، ثم التحق بالجامعة المصرية الأهلية سنة 1908م، وكان سفره إلى فرنسا سنة 1914م، ثم رجع إلى مصر سنة 1919م، وتُوفِّي أول يوم عيد الفطر، الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973م، ومن مؤلفاته: “الأيام”، و”التوجيه الأدبي”، و”مستقبل الثقافة في مصر”.