أصل لفظ الدين وعلاقته بلفظ الوحي
أصل لفظ الدين وعلاقته بلفظ الوحي
لفظ الدين له معانٍ متعدِّدة في اللغة بلغت أكثر من عشرين معنى، وبعضها مجازي والآخر متداخل، ومن معانيه المتعددة الملة، وهناك معنى مولد كما نص عليه الأصفهاني، والدين في اللغة الجزاء، ثم الطاعة سميت دينًا، فهي سبب الجزاء والأصل في اللغتين الطاعة والجزاء، وهي مأخوذة عند الشهرستاني من الطاعة والانقياد والجزاء والحساب، فأصبح الدين بمعنى الملة والشريعة متفرعًا من تلك النقاط، ومعنى الدين الذي يتسع لكل هذه المذاهب يحتوي معنًى مشتركًا، وهي القصد من الإيمان بأن الموجودات كلها ليست من نوع واحد ولا مرتبة واحدة، بل إن بعضها أسمى من سائر الأنواع.
الوحي هو مصدر وحى إليه يحي من باب وعد، وأوحى إليه بالألف مثلة ومصدره الإيحاء وهو قليل الاستعمال، وبعض العرب يقولون: وحيت إليه ووحيت له وأوحيت له، وهي أن تكلمه بكلام يفهمه عنك ويخفى على غيره، على سبيل الرمز والتعريض وبصوت خالٍ من التركيب ويكون سرًّا لا يسمعه غيره، ولفظ وحي له معانٍ متعددة كالإِشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي والتسخير والرؤى الصادقة والصوت يكون في الناس غالبًا، لكن قيل إن الوحي قد اقتصر بعد ذلك على الإلهام وغلب استعماله فيه، ثم غلب بعد ذلك فيما يلقي الأنبياء من عند الله تعالى ويردون الغَلبة إلى لسان الدين الإسلامي.
الدين والحكمة عند الفلاسفة من طرق اليقين والدين طريق إقناعي، فالفلسفة تعطي حقائق الأشياء كما هي، ولا يعطي الدين إلا تمثيلًا لها وتخيلًا، وهذا عند الفارابي بخلاف ابن سينا الذي كان يرى أن هناك فرقًا بين الدين والفلسفة، فالدين هو التأصيل والفلسفة بالنسبة لها أصاله نظرية، أما الوحي فهو الملك بالمعنى الأخير، أي النفوس السماوية والمعقولة التي هي جواهر روحانية غير متحيزة ولا قائمة بمُتحيز، أما النفوس فمُجردة في ذواتها متعلقة بِأجرام الأفلاك تعلق تصريفًا من غير أن تقوم بها، وتسمى ملائكة سماوية، وأما العقول فمجردة.
الفكرة من كتاب الدين والوحي والإسلام
من المؤلم غاية الألم أن ترتكب الجرائم باسم الإسلام وباسم شريعته السمحاء نوافذ العمليات المدمرة مع صيحات التهليل والتكبير، ودعوى الجهاد والاسترشاد في سبيل الله، الأمر الذي استغله بعد ذلك الغرب والمستشرقون في تشويه صورة الإسلام، وتقديمه للعالم بحسبانه دينًا همجيًّا متعطشًا إلى سفك الدماء وقتل الأبرياء وأنه يحرِّض أبناءه وأتباعه على العنف والكراهية والأحقاد، وقد تصدَّى الأزهر الشريف لهذه الهجمات أشد تصدٍّ للبناء عن طريق الجمع بين الوحي والدين والإسلام.
مؤلف كتاب الدين والوحي والإسلام
الشيخ مصطفى عبد الرازق، ولد بمحافظة المنيا بمصر، تعلَّم القراءة والكتابة، والتحق بالأزهر الشريف فيما بين العاشرة والحادية عشرة من عمره، له مؤلفات عدة منها: “فيلسوف العرب”، و”الإمام محمد عبده”، و”الإمام الشافعي”، و”تمهيد الفلسفة”.