أصل العرب وأهمية موقعهم
أصل العرب وأهمية موقعهم
إن العرب هم الأجناس السامية التي تفرَّع منها الكلدانيون والآشوريون والكنعانيون والعبرانيون، والأمم التي سكنت بين النهرين وفلسطين، وذلك لاشتراكهم في لغات تفرَّعت من لغة واحدة، كما يُرى أن أصل كل تلك الأمم يرجع إلى الجزيرة العربية، كما أن هناك رأيًا آخر يرجِّح أن أصل تلك الأمم يعود إلى منطقة غير الجزيرة العربية نظرًا إلى أن لغات تلك الأمم كانت زاخرة بأسماء النباتات والخضر، وهذا يتنافى مع طبيعة الجزيرة العربية، لكن يرى العقاد أنها حجة ضعيفة لأن الأراضي الخصبة كانت معروفة حتى في الجزيرة العربية في مناطق اليمن والبحرين وغيرها.
مُيِّزت سلالات الجزيرة العربية كذلك بكونها محل ظهور الأديان الكتابية الثلاثة ثم تلقاها الأوروبيون بعد ذلك منهم، وهذا أمر معروف، ولكن عنى الكاتب أن كل ما عرفه الأوروبيون عن السماء والفلك والمدارات كان من تراث العرب، فقد نشأوا تحت سماء أصفى من سماء الأوروبيين.
كما دفعتهم الحاجة إلى معرفة أوقات سقوط المطر والخبرة بالمواقيت في رحلاتهم في الصحراء إلى تعلُّم هذه العلوم، وحتى أسماء الأيام إلى يومنا هذا تعود إلى تسمية أسلاف العرب القدماء الذين ربطوا أسماء الأيام بالكواكب والنجوم، فجعلوا يوم الأحد للشمس والإثنين للقمر والثلاثاء للمريخ وهكذا، وإلى يومنا هذا نرى أن ترجمة يوم الأحد (Sunday) والاثنين (Monday) والثلاثاء (Tuesday) التي تعود إلى ثيوز (إله الحرب عند أمم الشمال)، والتسمية الفرنسية هي Mardi أو يوم مارس (المريخ)، وهكذا إلى آخر أيام الأسبوع.
الفكرة من كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
نظن نحنُ أمة الشرق الآن أننا أصبحنا في القاع، وإن تأكَّدت ظنوننا فإننا رغم ذلك لا ننظر إلى الحلول بقدرِ ما نتجادل في مشكلاتنا، والأعجب من ذلك أن الكثير منّا وصل به الحال إلى اتهام ما كان سببًا يومًا ما في انتشالنا من القاع بأنه هو سبب ما نحنُ فيه الآن.
إن الأمة التي تعلمُ ماضيها ستعرف كيف تُصلح حاضرها مهما ساء وضعه، ووجب علينا أن نعرف من نحنُ حقًّا وكيف أضاف أجدادُنا بصمةً في العلوم والفنون كانت هي حجر الأساس لكل ما وصل إليه العالم الآن.
مؤلف كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.