أشكال الأمراض النفسية
أشكال الأمراض النفسية
لما كان يُصعب توصيف سمات محددة للسواء النفسي يعمد العلماء إلى تحديد الأعراض والظروف التي يمكن بها الحكم بعدم السواء، ويمكن تقسيم الأمراض النفسية إلى خمس فئات:
أمراض ذُهانية عقلية.
أمراض عصابية انفعالية.
اضطرابات في الشخصية.
اضطرابات عضوية ذات منشأ نفسي.
اضطرابات نفسية ذات أسباب عضوية.
وتشمل الأمراض العصابية أمراض القلق والمخاوف المرضية (الفوبيا) والاكتئاب والهستيريا والوساوس القهرية، ويُعد القلق أكثرها شيوعًا ويصاحب كل الأمراض النفسية الأخرى، وهو انفعال شديد يسيطر على الشخص ويجعله عاجزًا عن المقاومة والتكيُّّف الاجتماعي، وتنتج عن هذا الشعور أفكار متطرفة تتجه غالبًا لنقد الذات والمبالغة وطلب الكمال، ثم سلوكيات شاذة وتغيرات عضوية، أما الفوبيا فهو نوع خاص من القلق، لأنه يرتبط بأشياء محددة كالأماكن المرتفعة ومواجهة الآخرين وجثث الموتى ومنظر الدماء.
أما الاكتئاب فهو تعبير مبالغ وطويل المدى عن الحزن والضياع، مصحوبًا بالقلق واليأس والشعور بالذنب ونقد الذات والخوف من المستقبل والأرق وتغيُّر الشهية، وتعدُّ الهيستريا ادعاء مرضيًّا غير مبرر رغم تأكُّد السلامة العضوية، ومنها الصمم الهستيري والعمى الهستيري وفقدان الذاكرة والتشنُّج، وتمثل تجنبًا لمشكلة معينة يترقبها المريض، وتشترك كل هذه الأمراض في التأثير السلبي على الفاعلية الاجتماعية والحياة المهنية.
وفي كل الأمراض العصابية يكون المريض واعيًا بمشكلته، وربما يطلب العلاج بنفسه بخلاف الأمراض الذُهانية، والتي يُعد الفصام (أو الشيزوفرينيا) أهمها، ويتسم بهلاوس سمعية وبصرية وفقدان التواصل بالعالم الخارجي مقابل عالم متوَهم في عقل المريض ويُكوِّن لديه معتقدات خاطئة مثل الاعتقاد بالعظمة (البارانويا) أو الاضطهاد، وأحيانًا يكونان متلازمين بشكل محير، وهناك طائفة من الأمراض يتعسر تصنيفها ضمن إحدى المجموعتين السابقتين، وهي ما تسمى باضطرابات الشخصية كالنرجسية؛ إذ يفقد الشخص التعاطف مع الآخرين ويبالغ في تضخيم ذاته وتعظيم قيمة ما يفعل، واضطرابات التجنُّب أو الشخصية الانسحابية التي تعزل نفسها تمامًا عن النشاطات الاجتماعية ويرفض الدخول في أي علاقة جديدة، والشخصية التي تعتقد أنها مضطهدة من الآخرين وتميل إلى الحساسية والشك في نياتهم وتقابلها الشخصية السيكوباتية التي تتصف بالاندفاع والعدوانية وضعف الشعور بآلام الآخرين ومشاعرهم.
الفكرة من كتاب الحكمة الضائعة
ما زلنا نقرأ في سِيَر المشاهير من المبدعين والعباقرة في مختلف المجالات ما اعترض حياتهم من مس الجنون والأمراض النفسية والاضطرابات الوجدانية والسلوكية؛ فقد حكى العقاد معاناته النفسية التي مر بها خلال شبابه، وروى أنيس منصور محاولة انتحاره، وعانى الشاعر عبد الرحمن شكري الاضطرابات الوجدانية حتى رُمى بالجنون، وقضت مي زيادة حياتها الأخيرة في مشفى العصفورية للأمراض النفسية.
وخارج حدود الوطن العربي الأمر أوضح؛ فقد كان سلوك كلينتون تجسيدًا لمرض انفصام الشخصية، وضَرَب الاكتئاب والاضطراب النفسي عددًا من مشاهير الأدب والسياسة أمثال أبراهام لينكولن وتشرشل وثيودور روزلفت وكافكا وڤان جوخ، وختم نيتشه حياته بالجنون، كما أنهت فيرجينيا وولف حياتها بالانتحار.
فهل هناك صلة حقيقية بين الإبداع والمرض النفسي؟ أم أن الإبداع نفسه هو شكل من أشكال الجنون كما يزعم بعض أتباع المدرسة الفرويدية؟ أم ربما لكاتبنا رأي آخر يدحض كل هذا بناء على براهين علمية ودراسات مثبتة؟
مؤلف
كتاب الحكمة الضائعة
د. عبد الستار إبراهيم: كاتب وأستاذ علم النفس الإكلينيكي ورئيس قسم الطب النفسي بكلية الطب بجامعة الملك فيصل، واستشاري الصحة النفسية بمستشفى الملك فهد، وعضو في جمعية الصحة العقلية التابعة لمنظمة الصحة الدولية وجمعية الصحة النفسية الأمريكية.
مُنح الكثير من الجوائز لإسهاماته العلمية الرفيعة، ونشر نحو مئة من الأبحاث والمقالات في مجلات علمية مختلفة، وللكاتب مؤلفات قيمة، أبرزها:
أسس علم النفس.
الإنسان وعلم النفس.
القلق قيود من الوهم.