أشقاء زيناكانتان.. من أين تأتي اللغة؟

أشقاء زيناكانتان.. من أين تأتي اللغة؟
في قرية “زيناكانتان | Zinacantan” المكسيكية، اكتشف عالم الأنثروبولوجيا اللغوية “جون هافيلاند | John Haviland” حالة مثيرة للدهشة في أثناء دراسته للغات المجتمع المحلي، إذ درس عائلة تضم ثلاثة أطفال صمّ منذ مولدهم، طورت الطفلة الصماء الأولى في العائلة لغة إشارة خاصة بها دون التعرض لأي لغات إشارة أخرى، وهذا كثيرًا ما يحدث في حالة أن يولد طفل أصم لوالدين يسمعان ويتكلمان، لكنهما لا يعرفان لغة الإشارة، إذ يبدأ الطفل بالإيماء والإشارة إلى الأشياء من حوله للتواصل مع عائلته، ومع الوقت تتطور هذه الإشارات إلى نظام لغوي كامل يتضمن تمييزًا بين الأسماء والأفعال، وهذا ما حدث مع هذه العائلة بعد ولادة ثلاثة إخوة آخرين، اثنان منهم صم.

ركز هافيلاند، الذي كانت له صلة وثيقة بالعائلة، على كيفية تطور الفروق النحوية بين الأسماء والأفعال في لغة الإشارة التي ابتكرتها العائلة، إذ ابتكر الأشقاء المصنفات للتمييز بين الأسماء والأفعال، والمصنفات عناصر لغوية تُستخدم لوصف خصائص الأسماء، مثل الحجم والشكل والاستخدام لتفريقها عن الفعل، على سبيل المثال، عندما يريد أخ من الإخوة التعبير عن جملة “ست دجاجات”، فإنه يستخدم مصنفًا يُظهر حجم الدجاجة وشكلها، تليه إشارة تُمثل فعلًا يرتبط بهذا الاسم، مثل طريقة ذبح الدجاج في القرية، ثم يُظهر عدد الدجاجات باستخدام إشارة تُحدد الكمية.
حالة أشقاء زيناكانتان ليست بالفريدة، فمع دراسة مزيد من لغات الإشارة المنزلية كهذه، وُجد أنها لا تخلو أبدًا من هذه الأنظمة! ما يثير الإعجاب حقًّا هو كيفية ظهور المصنفات والنحو المرتبط بها بشكل طبيعي دون أي تدخل خارجي، مما يُظهر أن البشر قادرون على خلق لغة معقدة حتى دون التعرض للغة موجودة مسبقًا، ويشير إلى أن تطوير اللغة لا يعتمد فقط على استخلاص الأنماط من اللغة المحيطة، بل يمكن أن ينشأ من القدرات اللغوية الفطرية للأفراد.
الفكرة من كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
إذا سألتك عما تفعله الآن، فقد تكون إجابتك: “أنا أقرأ ملخص كتاب “لغة بلا حدود” عبر تطبيق أخضر”، أو “إنني مستغرق في قراءة ملخص كتاب على أخضر”، أو “إني أطالع تلخيصًا لكتاب عن اللغة على هاتفي”، توجد مئات.. بل ملايين الجمل التي يمكن استخدامها للتعبير عن هذه الفكرة المفردة، ومعظمها لم يسبق لنا سماعه أو استخدامه، فما الذي يمكّننا من توليد هذا الكم الهائل من الجمل بشكل طبيعي دون تعلمها صراحةً؟
الحقيقة أن الإجابة عن سؤال كهذا ليست بالأمر البسيط أبدًا، وللوصول إليها علينا أولًا أن نمر بسلسلة طويلة من الأسئلة الأكثر تعقيدًا: كيف نتعلم اللغة؟ أو كيف نفهمها؟ وكيف يتعامل العقل مع الكلمات والجمل؟ وهل يمكن لأي من أنظمة التواصل الأخرى الموجودة أن تتطور وتصل إلى تعقيد اللغة البشرية؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة ويثير في أذهاننا مزيدًا من التساؤلات، من خلال عرضه الموجز لأهم الأبحاث والنظريات اللغوية التي طُرحت خلال المئة سنة الأخيرة.
مؤلف كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
ديڤيد أدجر: أستاذ اللسانيات في جامعة كوين ماري بلندن، شغل منصب رئيس جمعية اللسانيات البريطانية السابع عشر، ويُعد خبيرًا في دراسة أصول اللغة وقواعدها وطرائق تعلمها، وقد ألف كتابًا آخر يتعمق في هذه المواضيع تحت عنوان “Core Syntax: A Minimalist Approach”
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.