أسوة حسنة
أسوة حسنة
كان النهج القرآني مربِّيًا للصحابة (رضوان الله عليهم) حينما أرسى فيهم النبي (صلوات ربي وسلامه عليه) تطبيقاته العملية، ابتداءً من تربيته لهم على التوحيد الخالص الذي هو علاج الروح من عبوديتها لكل ما هو دنيوي، وكما يقول ابن تيمية: “وإن المرء كلما ازداد عبودية لله تعالى ازداد تحرُّرًا عمَّن سواه”، بما في ذلك هوى النفس وشهواتها، وربَّى القرآن فيهم الحرص على سلامة القلوب وطهارة النفوس،كما ربَّى فيهم الصدق والبعد عن الكذب على الله وعلى عباده، وكثير من المبادئ التي إذا أعدنا هيكلة علاقاتنا الفردية والاجتماعية على أساسها لصلح كل الخلل فيها.
ولنا في هدي النبي المُربِّي أسوة حسنة، فلما كان معاوية بن الحكم يصلي خلف الرسول فتحدث أثناء الصلاة والصحابة يخبطون بأيديهم ليسكتوه، فلما انتهى النبي علَّمه برفق أن الصلاة لا يجوز فيها الكلام، فقال عن ذلك: “فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، والله ما نهرني ولا كهرني (أي ما نهرني ولا عبس في وجهي)”، وكذا الشاب الذي جاء إلى النبي ليدخل في الإسلام وسأله أن يأمره بشيء واحد فقط يمتنع عنه مع بقائه على باقي المنكرات الأخرى، فلم يوبِّخه (صلى الله عليه وسلم) وأمره بترك الكذب، فما لبث أن نهاه ذلك عن باقي خصال السوء.
وكان من رحمة النبي حين نزل عن منبره ليحمل الحسن والحسين وهو يقول لأصحابه: “نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما”، بينما نحن الآن والأئمة يزجرون الأطفال وينهونهم عن الوقوف في نفس الصفوف.
الفكرة من كتاب بين الآباء والأبناء.. تجارب واقعية
كان السؤال الذي يشغل المؤلف هو من أين يبدأ الإصلاح؟ وهل هناك موضع إن صَلُح صَلُحت من بعده شتى نواحي الحياة؟ إلى أن استقرَّ لديه أن هذا الموضع هو الإنسان نفسه، ومن هنا كان الاهتمام بأساس هذا الإنسان وتنشئته منذ الطفولة، فمهما كثرت المؤثِّرات وتشتَّتت العوامل، يبقى لأثر الأم والأب النصيب الأعظم والأبقى في نفوس الأبناء.
وانطلاقًا من إيمان الكاتب بأن التجارب الواقعية أكبر تأثيرًا من التنظير والكلام الفلسفي في نقل المناهج التربوية، فقد قام بجمع بعض التجارب التربوية التي نعرض هنا أهم أفكارها المُعينة في تنشئة الأبناء.
مؤلف كتاب بين الآباء والأبناء.. تجارب واقعية
مُحمَّد سليم العوَّا (1942م): مفكر إسلامي، وهو محامٍ ومستشار قانوني، حاصل على دكتوراه الفلسفة في القانون المقارن من جامعة لندن، وعمل بالتدريس في عدد من الجامعات العربية، وهو الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مؤسس بالفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، برز على الساحة السياسية واعتقل في عهد عبد الناصر، كان مرشحًا لانتخابات الرئاسة المصرية سنة 2012، وله العديد من المؤلفات، ومنها:
الأقباط والإسلام.
العبث بالإسلام في حرب الخليج.
في النظام السياسي للدولة الإسلامية.