أسلوب النقد السليم
أسلوب النقد السليم
كان من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) فهم نفسيات الناس والطريقة المناسبة للتعامل معهم باللطف وحسن الخلق، ومن طبيعة النفس البشرية العاطفة والأثرة والطغيان والهلع وحب الذات، لذلك فإن منهج النقد والمراجعة كما وصفه الكاتب له قاعدتان: الأولى الأخلاق، والثانية المعرفة والعلم.
بالنسبة للقاعدة الأولى؛ الأخلاق فهي رسالة أخلاقية وضعت أسسها من الله (سبحانه وتعالى)، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) “كان خلقه القرآن” لأنه لا يمكن أن يكون هناك مجتمع مؤهل لصياغة مثل هذه الرسالة صياغة عادلة.
في هذا الإطار فإن المحك الحقيقي للخلق الكريم هو ديمومته حال التعامل في البيوت بالصبر والتسامح والتعامل مع الصحبة بالوفاء، أما المحرك الثاني فهو القوة، فكثير من الخلق والطبع الحسن فقد يكون مجرد عجز، وأخيرًا المحك الثالث وهو الاختلاف، فمن السهل أن تتعامل بخلق حسن حال المصلحة المتبادلة بينما تنكشف الحقائق في الخلاف، وكما جاء في الحديث فإن “المنافق إذا خاصم فجر”.
أما عن القاعدة الثانية فالعلم والمعرفة يجب أن يكونا مصحوبين بالرحمة، كما جاء في قصة الخضر: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَٰهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾، فالعلم بلا رحمة ليس من الهدي الإلهي، وكذلك الرحمة بلا علم، بل يجب أن يعملا معًا، ومن الرحمة ألا نتعامل بتسلُّط أو حاكمية حين ننقد الآخرين وألا يكون النقد نابعًا من شعور بالامتياز، بل مدفوعًا بأهمية القضية التي ندافع عنها.
إننا حين نقول إن الحل لمشاكل العداوة والنزاع بين الأمة وبعضها اليوم، هو العمل تحت رأي موحَّد، فنحن نتجاهل الإشكالية الأعمق، ألا وهي أننا لا نستطيع أن نهدأ إلا عن الاتفاق بينما لا يحفظ بعضنا مقامات البعض الآخر، وعن حفظ الإخاء بيننا ما دامت الاختلافات قائمة.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.