أسلحة منظمة التجارة العالمية
أسلحة منظمة التجارة العالمية
اعتمدت منظمة التجارة العالمية خلال السنين الماضية على دعامتين كآلة حرب عقائدية حاملة للعقوبات، الدعامة الأولى: الترويج لتحرير التجارة على أنه محرِّك للنمو، كشكل من أشكال “العقيدة الليبرالية” الجديدة السائدة هذه الأيام، أما الحقيقة فإن هذه العقيدة الليبرالية تنفصل تمامًا عن الواقع، وليس لها وجود، إذ إن المبدأ الذي تقوم عليه هو “السوق الحرَّة”، بينما نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما استعدَّت لدخول عصر التصنيع أواخر القرن التاسع عشر، تحدَّت عقيدة السوق الحرة التي مارستها بريطانيا، ووضعت عوائق (حمائية) ضد التجارة الحرة للحفاظ على المنتجات والسلع المحلية، وتم نسخ النموذج الأمريكي من جانب ألمانيا وسويسرا وبقيَّة دول أوروبا التي كانت على طريق التصنيع، ومن المفارقات أن نظرية السوق الحرة أصبحت تنسحب فقط على بلدان الجنوب والدول النامية، فبلدان الشمال (أوروبا وأمريكا) على الرغم من ترويجهم للسوق الحرة، فإنهم يستخدمون الإجراءات الحمائية والدعم الحكومي والأساليب الاقتصادية المغلقة جميعها، وظهر ذلك بجلاء وانكشف الأمر إبَّان الإنهيار المالي عام 2008.
أما الدعامة الثانية فتعتمد على فرضية أن النصوص التي جرى التفاوض عليها في نطاق منظمة التجارة العالمية “مُلزِمة”، ما أدى إلى امتلاك منظمة التجارة العالمية “أنيابًا” تستطيع أن تعضَّ وتفترس بها، إذ تخوِّل لها بنيتها “فرض العقوبات” بناءً على طلب طرف مظلوم ضد طرف مسيء!
إن الالتزام في نطاق منظمة التجارة العالمية، يعني على سبيل المثال (خفض التعريفات)، وهو إجراء متبادل يُتفق عليه بموجب مبدأ “المعاملة بالمثل”، ومع ذلك يوجد مبدأ “الدول الأكثر رعاية” الذي يتناقض مع الاتفاق على الأمور وفق أساس المعاملة بالمثل، فمبدأ الدول الأكثر رعاية يقصد به عدم التمييز بين الشركاء التجاريين، فإذا منَحت إحدى الدول أي ميزة، أو امتياز، أو حصانة لدولة أخرى، فإنه يتعيَّن عليها أن تعطي هذه الميزة أيضًا وبالشروط نفسها إلى الشركاء التجاريين جميعهم، فإذا سمحت “أوغندا” للصين بحرية الدخول إلى سوق صناعة الملابس، فإن على أوغندا أن تسمح لبريطانيا بالفائدة نفسها، وإلا طالتها العقوبات! لكن لماذا يتعيَّن على أوغندا بعد مفاوضات مضنية مع الصين، لتحصل على شيء في المقابل، أن توسِّع نطاق الشروط نفسها لتنطبق على بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي؟! ببساطة لا يوجد منطق في ذلك، إذ إن مبدأ الدول الأكثر رعاية هو أحد أسخف المبادئ التي ينطوي عليها نظام التجارة العالمي، إلى جانب عدد من المبادئ الأخرى!
الفكرة من كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
يحلِّل الكاتب في هذا الكتاب أحد الأسلحة الرئيسة التي تستخدمها القوى الغربية لاستغلال شعوب “جنوب العالم” واستعبادها، وبخاصةٍ الشعوب الأفريقية، وهذا السلاح هو “التجارة الدولية”، ويبحث كذلك في نضال بلدان الجنوب، ومقاومتهم بشأن مُختلَف نواحي التجارة الدولية، فعلى سبيل المثال: نجد أن أسلوب الاتحاد الأوروبي في التفاوض مع هذه البلدان يرقى إلى الابتزاز، فعليك أن توقِّع على الاتفاقيات التي تحقق أهدافهم وإلا سيوقفون المعونات الاقتصادية التي تتلقَّاها منهم! وقد استطاع “ياش تاندون” -بعبقريته التحليلية والتفاوضية إلى جانب قدرته على الإقناع- التصدي لكثير من الضغط، وكشف ابتزاز الاتحاد الأوروبي لدول الجنوب، لذلك يعد هذا الكتاب دليلًا للقتال والنضال ضد النظام الوحشي الذي يهيمن على العالم هذه الأيام.
مؤلف كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
ياش تاندون : هو مفكر وكاتب مقالات، ومؤلف، ومناضل، وناشط سياسي (أوغندي)، حصل على بكالوريوس الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد عام (1961)، وحصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد عام (1969)، لها مؤلفات عديدة منها:
In Defence of Democracy.
Daring to Think Differently: Development and Globalisation
معلومات عن المترجم:
عبد الجليل محمد مصطفى: مترجم، ترجم عددًا من الكتب منها:
فوربس: أعظم قصص الأعمال على مر العصور.
المرجع في تربية الموهوبين للمرحلة الثانوية.