أسطورة الجمال وعلاقتها بالجنس والعنف
أسطورة الجمال وعلاقتها بالجنس والعنف
تُظهر المواد الإباحية النساء عاريات تمامًا وبوضعيات مثيرة، حتى دعايات العطور والملابس الداخلية والأحذية النسائية تُظهر المرأة بوضعيات مثيرة، وعندما تنظر المرأة إلى هذه النماذج، يتبادر إلى ذهنها العمل على أن تبدو مثل تلك المرأة المثيرة لتشعر بما تشعر به، وعلى مر التاريخ يتبع النشاط الجنسي الموضة، والأخيرة تتبع السياسة. في الستينيات من القرن الماضي كان الحب حديث الساعة وشاع التعبير عنه بالجنس حيث العبث والشهوانية، لكن في السبعينيات دخلت المواد الإباحية في مجال الثقافة النسائية، ومع زيادة حرية المرأة زادت حرية الإباحية، وبدأ التسويق لحبوب منع الحمل وصدرت القوانين التي تبيح الإجهاض، وأصبحت المرأة تمارس الجنس مع أي شخص بغرض ممارسة الجنس فقط ودون أي مشاعر أو عواطف مسبقة، وبيعت صور الفتيات الصغيرات العاريات، ومن ثم جُرِّد الجسد الأنثوي وعُرض بالكامل للجميع، فأدت تعرية الجسد إلى اهتمام المرأة به أكثر فأكثر، وأخذت تفحص بدقة وحرص جسدها لأنه درع المرأة ومثال الكمال.
وفي الثمانينيات دخل معياران جديدان إلى ثقافة المرأة، هما المواد الإباحية اللينة التي تصور جسد المرأة فقط، والمواد الإباحية الصلبة التي تصور جسد المرأة وممارسة العنف ضده. إن الجمال في المواد الإباحية والسادومازوخية لا تكشف عن جنسانية المرأة مثلما يدافع مروجو الإباحية عن ذلك، بل هي مواد خادعة تقلب الحقائق، وتعمل على ترسيخ العزلة بين الجنسين من خلال التدخل في حياتنا التخيلية، وأصبح الخيال الجنسي المتروك للواقع عديم الأهمية، وربحت الأسطورة حملتها ضد شخصيتنا الجنسية الخاصة. في الغالب تجري النقاشات حول تأثير المواد الإباحية في سلوك الرجال، رغم أن لها التأثير نفسه في سلوك النساء إن لم يكن أكبر، لأنها تجعلهن عنيفات تجاه أنفسهن.
خلال العقود الماضية تبنت النساء نسخة جديدة من الألم فرضتها عليهن أسطورة الجمال، وهي الجراحات التجميلية، إذ تسعى أعداد كبيرة من النساء إلى مِبْضَعِ الجراحة ويخضعن له. إن العصر الذي نعيش فيه يمكن أن نطلق عليه اسم “العصر الجراحي للمرأة”، إذ تولت الصناعة الجراحية -لدوافع ربحية- إنشاء نظام يقوم على حتمية الجمال بالنسبة إلى المرأة، فأفسد عصر الجراحة ثروة المرأة من الصحة، وأخذ يهين أجساد النساء السليمة، فالمرأة السليمة صحيًّا وجسديًّا، لكنها ترى في نفسها أنها مريضة بالقبح أو غير راضية عن جسدها، تذهب على الفور إلى عيادات جراحة التجميل، ومن ثم صارت النساء السليمات طبيًّا في عُرف أسطورة الجمال مريضات يحتجن إلى علاجات الجمال!
الفكرة من كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
تُناقش المؤلفة في هذا الكتاب معايير الجمال غير الواقعية التي تلهث وراءها النساء، وتشير إلى أن البحث الحثيث وراء الجمال زاد بشدة نتيجة تأثير وسائل الإعلام، وتبين أن ذلك يشكل ضغوطًا كبيرة على النساء والرجال معًا وهو ما يؤدي إلى تصرفات غير سليمة واهتمام مبالغ فيه، وتستعرض آليات عمل أسطورة معايير الجمال في العمل والمجالات الإعلامية، وتوضح أن معايير الجمال الخرافية التي تركض وراءها النساء تعمل على إضعافهن نفسيًّا وجسديًّا، وتسلب رضاهن عن أنفسهن وتقديرهن لذواتهن، كما أنها تشكل عنفًا، النساء أنفسهن مسؤولات عنه.
مؤلف كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
نعومي وولف: كاتبة سياسية، وكاتبة غير روائية أمريكية، عملت مستشارة سياسية لآل جور وبيل كلينتون. من مؤلفاتها:
Promiscuities: The Secret Struggle for Womanhood
The End of America: Letter of Warning to a Young Patriot
Facing the Beast: Courage, Faith, and Resistance in a New Dark Age
معلومات عن المترجم:
إدريس محمود نجي: مترجم لعدد من الكتب والمقالات. من ترجماته:
الضمير وأعداؤه.. مواجهة عقائد العلمانية الليبرالية.
ممهدات الإلحاد الجديد.. صعود التطرف العلماني.