أسرار البرودة

أسرار البرودة
رغم كون الماء شفافًا فإن تجمده يجعله معتمًا، وذلك بسبب ذوبان الأملاح والغازات فيه، مما يعطي الثلج قدرة أكبر على ملء كل فراغ جزيئي في المكعب، كما أن شفافية الثلج تحتاج إلى التبريد البطيء، وهذا يخالف آلية تبريد الثلاجات المعاصرة، أما الجليد فيمتاز بقلة كثافته مقارنة بالماء، مما يجعله يرتفع على السطح حابسًا الحرارة أسفله، ولهذا السبب تظل الأسماك حية حتى في المناطق المتجمدة.

وفي رحلة الماء من المنبع إلى المنزل يصطحب معه الأملاح المعدنية كالكالسيوم والماغنسيوم، ولكننا لا نلاحظها لأنها تكون ذائبة، إلا أنها تترسب مخلفة رمادًا أبيض يشبه الحجر الجيري نلاحظه على الصنابير وجدران الغلايات، وذلك تحت ظروف معينة كدرجات الحرارة المرتفعة، ورغم أن نقاء الماء قد لا يكون 100%، فإن الماء هو المنظف الأمثل على وجه الأرض، ويرجع ذلك إلى تركيبه الذري، وهو ذرة أكسجين سالبة الشِّحنة، وذرتا هيدروجين موجبتا الشِّحنة، ولأن الشِّحنات المختلفة تتجاذب يبدو الماء كمغناطيس يجذب الأوساخ، إلا أن قطبية جزيئاته تلك تجعله لا ينجح بمفرده عند استخدامه لتنظيف الأقمشة، فبسبب تماسكها الشديد تحتاج إلى وسيط يكسر هذا التوتر السطحي، وهنا يأتي دور الصابون.
ولا يمكن لدرجة حرارة الأشياء أن تكون ثابتة دائمًا، لأنها في حالة تحدٍّ دائم مع الأجسام ذات الحرارة المختلفة سواء بالزيادة أم النقصان، وبرودة الشيء لا تحدث إلا إذا نجح شيء آخر في الاستيلاء على حرارته، وهي كذلك لا تستحدث من العدم، وإنما تحول فقط -عبر آليات معينة- من شكل إلى آخر بواسطة آلات التبريد، وأول ما يتبادر إلى الأذهان عند سماع آلات التبريد هو الثلاجة، التي لطالما كان الضوء الموجود فيها لغزًا بالنسبة إلى كثيرين، وتظهر فائدته عند التردد بكثرة على الثلاجة للبحث والاستكشاف، على عكس المُجِّمد الذي يُفتح مرات أقل ولأهداف محددة.
الفكرة من كتاب لماذا الشوكة لا مذاق لها؟ وأسئلة فضولية أخرى لتفهم العلوم وأنت في المنزل
أحيانًا ينظر الإنسان إلى شيء يعيش معه منذ أعوام عدة، وربما يتناوب يوميًّا على استخدامه، ثم يطرق عقلَه فجأة سؤالٌ بشأن ماهيته أو طريقة عمله، لا يعرف من أين أتى السؤال ولا سبب انبثاقه في عقله، وفي الوقت ذاته لا يملك القدرة على صرفه أو الانصراف عنه أو حتى إجابته.
هذه الأسئلة البدهية الوليدة الفضول، العميقة المدى، يقدم الكتاب إجابات شافية تُسكتها، ومعلومات ربما لم يخطر لك في يوم أن تعرفها، إلا أنك بلا شك سترحب بمعرفتها.
مؤلف كتاب لماذا الشوكة لا مذاق لها؟ وأسئلة فضولية أخرى لتفهم العلوم وأنت في المنزل
دايفس بلوتشي: عالم فيزيائي ومعلم وكاتب وصحفي وناشر، وُلد في فيجنولا عام 1977، وحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء، يعمل حاليًّا باحثًا في علوم وتكنولوجيا المواد في جامعة مودينا وريجيو بإيطاليا، ويُجري أبحاثًا في مجال المواد الحيوية للأطراف الصناعية والطب التجديدي، ويُدرِّس الرياضيات والفيزياء في المدارس الثانوية، وله كتاب آخر بعنوان: «Guida ai luoghi geniali. Le mete più curiose in Italia tra scienza, tecnologia e natura per piccoli e grandi esploratori»
معلومات عن المترجمة:
منة ناصر: مترجمة مصرية، تخرجت في كلية الألسن بجامعة عين شمس، وتعمل في الترجمة لدى مؤسسة «The Castle for Training & Translation»، ومن الأعمال التي ترجمتها:
شاطئ العزلة.