أسباب تراجع فلسفة السياسة في الفكر الأوروبي الحديث
أسباب تراجع فلسفة السياسة في الفكر الأوروبي الحديث
تراجعت فلسفة السياسة في الفكر الأوربي الحديث لعدة أسباب، أولها صعود العلوم الطبيعية ومناهجها، التي تقتصر على دراسة الوقائع والحقائق بعيدًا عن الميتافيزيقا، وتبعها ظهور مدارس كالوضعية المنطقية والفلسفة التحليلية ثم السلوكية، التي دعت إلى الفصل بين الحقائق التي يمكن رصدها والقيم التي لا يمكن قياسها أو رصدها، ثم ظهر بعض القصور في هذه المناهج المستخدمة في دراسة العلوم الطبيعية، على سبيل المثال، بعد فهم الواقع وطبيعة العلاقات بين مكوناته -كما يفعل الوضعيون- ماذا ينبغي أن يفعل السياسيون المؤثرون؟ وما الغايات التي ينبغي السعي إليها؟ وهي الأسئلة التي تطرحها الفلسفة السياسية.
كذلك ظهرت انتقادات لمناهج العلوم الطبيعية حين ظهرت نظرية النسبية ونظرية الكوانتم التي شككت في قوانين نيوتن وغيرها من القوانين التي أراد المفكرون استيرادها من العلوم الطبيعية وتطبيقها في العلوم الاجتماعية ومنها علم السياسة.
ودفعت الحرب العالمية الثانية وما خلَّفته من خسائر وآلام هائلة إلى إعادة التفكير في الأبعاد الأخلاقية للسياسة، فظهر من يكافح ضد التيار الذي يدعو إلى فصل الأخلاق عن السياسة، وأشهر هؤلاء هايدغر الذي اهتم بدراسة الدور الذي تؤديه التكنولوجيا في تدهور الحضارة الغربية، وكيف جعلت التكنولوجيا الإنسان والطبيعة مجرد مواد خام تحتاج إلى المعالجة التكنولوجيا، لتصبح نافعة قابلة للاستخدام من قبل البشر.
ويأتي بعد هايدغر ليو شتراوس الذي هاجم المدرسة السلوكية، ورأى أنه ليس هناك حقائق موضوعية منفصلة عن القيم، ومن بعده جون رولز الذي طرح رؤيته الليبرالية الجديدة التي لا ترتكز على مبدأ النفعية كما هو حال الليبرالية الكلاسيكية، وإنما على مبدأ العدل والإنصاف.
الفكرة من كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى تسليط الضوء على تاريخ الأفكار السياسية من خلال عرض أطروحات أهم الفلاسفة والمنظِّرين منذ الحضارات القديمة إلى الآن وعقد مقارنات بينها وبيان تأثير وتأثر الأفكار بعضها ببعض، والإجابة عن أسئلة من قبيل ما أهم الأفكار التي تشكِّل الملامح الرئيسة للفيلسوف؟ وما أهم القضايا التي ناقشها؟ وما الحلول التي طرحها لمواجهتها؟
مؤلف كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
التجاني عبد القادر حمد: كاتب سوداني الجنسية، تخرج في كلية الآداب، جامعة الخرطوم، شعبة الفلسفة، ونال درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة نفسها عام 1984م، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لندن عام 1989م، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعات الخرطوم بالسودان، وزايد بالإمارات، ويعمل حاليًّا أستاذًا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.