أسباب التحولات الفكرية
أسباب التحولات الفكرية
يرجع المؤلف إلى كتابات العلماء أمثال النووي والشاطبي وابن القيم ليعرف منها الأسباب الرئيسة التي يمكن أن تفسر ظاهرة التقلب الفكري؛ فهؤلاء العلماء استنبطوا من نصوص الوحي أسباب الانحرافات وركزوا على ثلاث مشكلات أساسية؛ وهي مشكلة الجهل ومشكلة الهوى ومشكلة التقليد، وقد عرض المؤلف أسبابًا أخرى لكنها في حقيقتها ترجع إلى المشكلات الثلاث السابقة؛ وأول هذه الأسباب عنونها المؤلف بـ”ثنائية الجهل والعلم”، فهو يرى أن مشكلة التقلب جاءت من العلم وليس من الجهل، فهناك مَن ينقلب عن الحق إلى الباطل بعدما جاءه العلم والبينات، ويظهر ذلك في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾؛ فهؤلاء لم يختلفوا وينقلبوا عن الحق إلا بعدما جاءهم العلم! إذن فالازدياد من العلم والمعرفة لا يعني قبول الصواب أو الثبات عليه، ولا يعني انفكاك الذات من التقلبات الفكرية، وهذا الانقلاب سببه إملاء الشيطان لقوله تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾، وسببه اتباع سبيل غير سبيل المؤمنين لقوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ﴾.
من الأسباب أيضًا: “المشروعات الفكرية”؛ والمشروع الفكري هو ما ينتجه مفكر مشهور تحت مسمى واحد، فبعد عام 1980م زادت المشروعات الفكرية لمجموعة من المفكرين العرب المتأثرين بالثقافة الغربية ومنهجياتها الفكرية، هذه المشروعات تركز على النقد والتأويل الجديد، كما أنها تهتم بالتراث الإسلامي مع استثمارها دراسات المستشرقين وآرائهم، ومن أمثلة هذه المشروعات الفكرية: “نقد العقل العربي” للجابري، و”نقد العقل الإسلامي” لأركون، وقد تحوَّل جمع من المثقفين بالفعل نحو هذه المشروعات وانبهروا بها، ما جعلهم يتأثرون بالأخطاء والشبهات الواردة فيها، ويرى المؤلف أن تأثير هذه المشروعات أشد في العقول اللينة التي لم تطالع كتبًا سابقة تتحدث عن هذه الموضوعات.
الفكرة من كتاب التحولات الفكرية
في كتابه “التحولات الفكرية”، يحاول المؤلف إلقاء الضوء على ظاهرة بدأت تكثر في الآونة الأخيرة وهي التحولات والتغيرات العنيفة التي تحصل لأهل العلم والفكر بعدما تقع لهم هزات وأحداث عنيفة يكون لها مردودها على أفكارهم وتوجُّهاتهم، فيقوم المؤلف بشرح هذه الظاهرة باستفاضة، ثم يحاول تبيين أسبابها، كما يقوم بعرض أبرز التقلبات الفكرية التي يمكن ملاحظتها على الساحة في السنوات الأخيرة.
مؤلف كتاب التحولات الفكرية
الدكتور حسن بن محمد الأسمري: أستاذ مشارك بكلية الشريعة وأصول الدين، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، بجامعة الملك خالد في أبها.
من أشهر مؤلفاته: “النظريات العلمية الحديثة: مسيرتها الفكرية وأسلوب التفكير التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية”، و”الفلسفة والنص”.