أساليب الهروب
أساليب الهروب
يعرِّف المجتمع الشخص السوي بأنه الذي يقوم بالدور المتوقَّع له على المستوى الاجتماعي مثل شغل وظيفة ما، أو إنتاج أسرة، والاندماج في دائرة جماعية ما، بينما من يفشل في تحقيق هذا يسمى بالعصابي ويميل إلى الانسحاب الصامت والعيش في الخيال، ولكن الشخص السوي يعاني كلما نمت أهداف المجتمع على حساب نموه الفردي، ما يؤدي إلى فقدان أصالة أفكاره وأهدافه، أي إنه يستمدها من خارجه مقتنعًا بأنها ملكه.
وإذا فشلت تلك المحاولة، يقع الفرد في الانعزال والشك والقلق، ويتبع عدة أساليب للهروب من ذلك، أولها النزعة التسلُّطية كمحاولة لتكوين روابط ثانوية بدلًا من الأصلية المحطَّمة يخسر فيها عبء الحرية، وتتكوَّن من جانبين، الميول السادية وهي رغبة الفرد في الهيمنة وامتلاك القوة المطلقة وإخضاع غيره أو استنزافه أو التسبُّب بالمعاناة الذهنية والجسدية له، والميول المازوكية، وهي رغبته في الخضوع لغيره وإفناء نفسه واختبار الألم واليأس والمعاناة في سبيل ذلك.
وعلى المستوى الاجتماعي يتكامل الجانبان فيخضع الفرد لسلطة عليا مثل زعيم أو أمة أو كيان أعظم ويخضع مَن تحته له سواء كانت تلك السلطة خارجية أم باطنية، مع التفريق بين ذلك وامتلاك القوة العادي بأنها مؤدية إلى فعل ما وليس إخضاعًا لأحد.
ثانيها النزعة التدميرية وهي تهدف لإزالة الموضوع من الأساس، فإذا كان العالم مصدرًا للتهديد المستمر فإن الفرد يهدف إلى تدميره، فهو نتاج للحياة والانفعالات غير المعيشة.
ثالثها التطابق مع الإنسان الآلي، وهو التعامل مع الحياة عبر الإجابات الجاهزة والمُقَوْلبة، وتقبُّل تفسيرات السلطة وأفكار الآخرين، والانخراط في عمل وظيفي بصورة آلية جامدة، وفقدان كل فكرة أو فعل أصيل ينبع من الذات الحقيقية للفرد.
الفكرة من كتاب الخوف من الحرية
تعدَّدت المؤلفات التي تناولت الحرية كأقدم إشكالية حاولت الفلسفات المختلفة الإجابة عنها، فهل هي حق مكتسب فطريًّا بولادة الإنسان؟ وما أنواعها وحدودها؟ وكيف يتنازل كثير من الأفراد عن حريتهم ويقدِّمونها قربانًا ليخضعوا لسلطة ما؟ والأهم ما معنى الحرية بالنسبة للإنسان الحديث؟
مؤلف كتاب الخوف من الحرية
إريك فروم: أحد أشهر علماء النفس والفلسفة والاجتماع، ولد في ألمانيا لعائلة يهودية، وعانى كثيرًا في طفولته، وفي عام 1922م نال الدكتوراه في علم الاجتماع، وعمل في مصحَّة تحليل نفسي حيث قابل فريدة رايتشمان وتزوَّجها، ثم نزح إلى جنيف بعد وصول النازية إلى سدة الحكم، وبعدها ارتحل إلى أمريكا وعمل في جامعة نيويورك، وأسَّس معهد ويليا ألانسون وايت للطب النفسي.
يركِّز فروم في أفكاره على تحليل ووصف وانتقاد الظروف السيكولوجية والاجتماعية وما يتقاطع معهما من ظروف اقتصادية وسياسية تشكِّل الإنسان الحديث وطبقات المجتمع، ويعدُّ “جوهر الإنسان”، و”المجتمع العاقل”، و”الخوف من الحرية” من أفضل كتبه.
معلومات عن المترجم:
مجاهد عبدالمنعم مجاهد: صحفي ومترجم مصري ولد في القاهرة عام 1934م، حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة، وتدرَّج في العمل الصحفي حتى أصبح نائبًا لرئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وأصبح خبيرًا ثقافيًّا بجريدة الأهرام المصرية، ألَّف العديد من الكتب في الفلسفة وعلم الجمال والنقد الأدبي، وترجم كتبًا أخرى أشهرها لفروم مثل “فن الحب”، و”الخوف من الحرية”، تُوفِّي عام 2021م.