أساليب النضال اللا عنيف
أساليب النضال اللا عنيف
إن النضال اللاعنيف يمثل تحديًا سياسيًّا منظمًا محمود العواقب نسبيًّا إذا ما قورن بالنضال العنيف أو المسلح الذي يتخذه النظام مبررًا لاستخدام القوة المُفرطة والرد على العنف بأضعاف كثيرة، لذلك فالحلول السلمية المنظمة ترجح كفتها على الحلول العنيفة من حيث خسائر الأرواح وكذلك الخسائر المادية، لكن يبقى السؤال ما أساليب النضال اللاعنيف؟
قد يظن الناس أن النضال والمقاومة الشعبية يتمثَّلان فقط في المظاهرات والاعتصامات، وهذا تصور عارٍ من الصحة، فالنضال الشعبي له صورٌ كثيرة وأساليب متنوعة متدرجة تبدأ من مرحلة الاحتجاج والإقناع مرورًا بمرحلة اللاتعاون ثم أخيرًا التدخل، أما عن الاحتجاج والإقناع فإنه يشمل المظاهرات الرمزية والمسيرات والاعتصامات، أما اللاتعاون فإما أن يكون اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا، وأما التدخل فيكون من خلال الأساليب النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية مثل الإضراب عن الطعام أو نموذج الحكومة الموازية.
ويوضح الكاتب أنه كلما كان النضال يشمل أساليبَ متنوعة غير مقتصرة على نمط بعين، مدروسة ومخططًا لها، كانت فرصة إسقاط أي نظام قمعي عظيمة جدًّا، وعلى حسب أنواع الضغوط التي يتعرض لها النظام وتؤثر فيه يتم اختيار أساليب النضال الملائمة له وأغلب القضايا عادةً ما تكون سياسية ومن ثَمَّ يجب التفكير في ممارسة العصيان المدني والمظاهرات والإضرابات، أما إذا كان النظام يتأثر بالضغوط الاقتصادية، فتكون الأساليب المناسبة هي المقاطعات والإضرابات العامة واختفاء الخبراء والمستشارين السياسيين وامتناع المرافق الحيوية عن العمل جزئيًّا أو كليًّا مثل المصانع ووسائل النقل.
وتنقسم مسؤولية الشعب في النضال والمقاومة إلى جزأين: الجزء الأول هو القيام بأعمال غير اعتيادية في حياته اليومية مثل الدعوة للتظاهرات وتوزيع المنشورات والاعتصامات وما إلى ذلك، والجزء الثاني هو الاستمرار في الحياة اليومية العادية وتضمينها أساليب النضال، مثل الذهاب إلى أماكن العمل وعدم الإضراب، ولكن العمل ببطء أو التظاهر بالمرض أو ارتكاب أخطاء بصورة متكررة.
وأخيرًا فالنضال اللاعنيف يختلف كليًّا عن النضال العنيف، وهذا له خطته وأسلوبه وذلك له خطته وأسلوبه، لكن أحيانًا يحدث تداخل بينهما، ويتوقَّف ذلك التداخل على درجة الغضب والإحباط ومعاناة الشعب، لكن يؤكد الكاتب أنه إذا حدث ذلك فيجب أن يتم اختيار التوقيت والمكان المناسبين والمناطق السكنية البعيدة حتى يتم تجنُّب أحداثٍ ضخمة لا تُحمد عُقباها.
الفكرة من كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
رغم الإحصائيات الكثيرة عن عدد الدول التي يمكن وصفها بأنها حُرَّة؛ وأن العدد تزايد زيادة ملحوظة في السنوات العشر الأخيرة، فما زالت هناك شعوب كثيرة تعيش أسيرة تحت مظلَّة الظلم والفساد.
يتحدث الكاتب عن الأنظمة الدكتاتورية وآثارها السلبية في المجتمعات، ويضع تصورًا كاملًا لكيفية الخلاص منها ومعارضة الاضطهاد والتشجيع على الحريات، مُبينًا الطريق إلى ذلك وما يجب فعله من تخطيط ونضال سِلمي يبتعد كثيرًا عن العنف، محذرًا من مرحلة ما بعد الانتصار، فتلك المرحلة هي أكثر الأوقات التي تتعرَّض فيها الشعوب للنكسة والهزيمة.
مؤلف كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
چين شارب: أستاذ العلوم السياسية، ولد عام ١٩٢٨ بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، حصل على دكتوراه في الفلسفة وعلم الاجتماع، وارتبط اسمه بالكتابة والتأليف في الموضوعات الخاصة بالكفاح السلمي، وتوفي عام ٢٠١٨، ومن مؤلفاته:
ضد الانقلاب.
حرب اللاعنف.
البدائل السياسية.
القوة الاجتماعية والحرية السياسية.