أساس المشكلة
أساس المشكلة
تعلَّمنا في سنوات الدراسة الأولى أن الخلية هي اللبنة الأساسية في تكوين الكائن الحي صغيرًا كان أم كبيرًا عظيمًا كان أم حقيرًا، وهذه الخلية لها وحدة بناء أساسية أيضًا بداخلها، ألا وهي النواة ولا يوجد كائن حي بغير هذا المصنع الصغير المسمى بالنواة وإن كان مخلوقًا وحيد الخلية! هذه النواة هي التي تحمل ما يسمَّى بالحمض النووي، أو DNA العجيب والموحَّد بداخل كل أنواع خلايا الجسم المختلفة عصبية كانت أو عضلية أو خلايا الدم بوجه عام، والـDNA يحمل بدوره الشفرة الوراثية، هذه إذًا مراجعة سريعة مختصرة جدًّا، وبناء على هذه المعلومات التي سبق أن تعلَّمناها أو حتى سمعنا عنها يمكننا الآن فهم كيفية حدوث مرض السرطان.
ينشأ السرطان نتيجة لوجود خلل أو تلف في الحمض النووي الموجود في النواة المكونة للخلية كما ذكرنا، وبالتالي تتكوَّن لدينا خلايا شاذة عن الخلايا التي تنمو بصورة طبيعية، هذه الخلايا تتميَّز بعدة أمور عرفناها من بحث قام بنشره اثنان من كبار العلماء عام ٢٠٠٠، وهما دوجلاس هاناهان وروبرت واينبيرج توصَّلا فيه إلى أن تلك الخلايا الشاذة السرطانية لها سمات معينة، فهي حين تنشأ تبدأ في الانتشار بشكل غير منتظم في باقي أجزاء الجسم وتبدأ في عملية التدمير، كما أنها لا تستجيب للإشارات التي تعمل على تثبيط نشاطها، كما أن لديها اكتفاءً ذاتيًّا في النمو، إضافةً إلى أنها عصيَّة على محاولات تدمير الجهاز المناعي لها باعتبارها أجسامًا شاذَّة ودخيلة على الجسد، أضف إلى ذلك إلى أن أي تجمُّع من الخلايا لا بد له من أوعية دموية لتغذية كذلك السرطان باعتباره تجمعًا، وإن كان لخلايا تالفة أو شاذة، فإن أي تكوُّن لورم سرطاني لديه القدرة على إمداد نفسه بالدم وعلى تنشيط نمو الأوعية الدموية اللازمة لذلك حتى ولو بطريقة عشوائية، أيضًا هذه الخلايا لا تخضع لعملية موت الخلايا التي يستعملها الجسم للتخلُّص من الخلايا التالفة أو المعيبة لأن من المفترض أن تقوم بالتخلُّص من نفسها ذاتيًّا باعتبارها خلايا شاذة، إلا أن ذلك لا يحدث حتى مع وجود العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، إذ إنها لا تموت بالكلية، وبالتالي تبدأ بالازدياد والانتشار.
الفكرة من كتاب السرطان: مقدمة قصيرة جدًّا
في هذا الكتاب يأخذنا الكاتب في رحلة طبية موجزة نتابع فيها نواة الخلية والـDNA في أصله الطبيعي قبل أن يصاب بالسرطان، ونفهم معه كيف يصاب به، وكيف يُكتشَف، ثم كيف يُعالج ويتم التعامل معه، وكيف تؤثر البيئة والعرق وطريقة التغذية والعادات والجينات المتوارثة في قابلية الإصابة به، وذلك بشكل واقعي وحقيقي من طبيب وأستاذ أورام موجود في قلب المجال.
مؤلف كتاب السرطان: مقدمة قصيرة جدًّا
نيكولاس جيمس: أستاذ علم الأورام بجامعة بيرمينجهام بالمملكة المتحدة ومستشفى الملكة إليزابيث في برمينجهام، ويعمل حاليًّا في دراسة مهمَّة تبحث أهمية استخدام العلاج الهرموني لسرطان البروستاتا.
معلومات عن المترجم:
أسامة فاروق حسن: حاصل على بكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان من جامعة القاهرة، وبجانب عمله كطبيب للأسنان، وعمل في مجال ترجمة وتعريب الكتب العلمية والموسوعات الطبية لحساب “مكتبة جرير”، ومن ذلك:
موسوعة كلية طب جامعة هارفارد الأمريكية.
كما ترجم سلسلة من الكتب في الطب الطبيعي والبديل مثل كتب “علم الماكروبيوتك”، هذا إضافةً إلى ترجمته كتبًا في مجالات أخرى كإدارة الأعمال.