أزمة الفكر والمفكرين
أزمة الفكر والمفكرين
يرجع جزء كبير من أسباب التخلف إلى أزمة الفكر والمفكرين، فالتيارات الموجودة على الساحة تمثل عائقًا من العوائق التي تمنع عملية التنمية، والوضع الحالي للأمة من تخلف فكري، وضعف معرفي، وفقر علمي، واضطراب مرجعي، سببه الرئيس أزمتها الفكرية، وعليه فليس أمام المسلمين إن هم أرادوا تنمية علمية ويقظة حضارية إلا أن ينهضوا بالفكر ويستأنفوا عملية الاجتهاد والإبداع من جديد، ولقد كثرت التيارات الفكرية المختلفة في واقعنا مما لم نشهده من قبل وليس الاختلاف دائمًا رحمةً ونضجًا، فهناك تيار علماني همه الوحيد تجنيب وتهميش الدين وأخذ القيادة إلى طريق مسدود وتقليد للغرب في كل صغيرة وكبيرة من مناحي الحياة دون تفكُّر وتعقل، وهناك تيار متشدد يرى في كل تقدم حرمة وبدعة ويريد تقويض الأمة فلا تأخذ بالتقدم العلمي ولا تتابع مستجدات الأمور.
وهناك تيار وسطي معتدل يدعو إلى الاجتهاد ويتبنى منهج الحوار والتفاعل مع الحضارات، ويرى هذا فريضة شرعية لكن هذا التيار يعاني التشويه والإقصاء، ويمنع داخليًّا وخارجيًّا من المشاركة في إدارة شؤون المجتمع في النهوض بالأمة، والأمة لا تنهض إلا عندما تكون هناك قوة وتيار فكري لا يلغي ولا يقضي على التيارات الأخرى، بل يتعاون معها ويمد لها يده ليحملوا النور معًا ويسيرون في طريق ممهد معبَّد وخالٍ من العقبات والأزمات، والأمة لكي تنهض من جديد فهي بحاجة إلى قيادات فكرية واعية تسعى إلى التغيير وتسهم في تشكيل وعي الجماهير، والنخبة المثقفة هي العقل المفكر والباحث عن حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية.
الفكرة من كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
إن المتأمل في واقع العرب والمسلمين اليوم يدرك لأول وهلة التخبُّط الذي يعيشون فيه، والعشوائية التي يتعاملون بها مع كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتهم، ويلاحظ كذلك غياب المنهج العلمي عن حياتهم الخاصة والعامة، وهذا هو السبب الرئيس لمعاناتهم في مجالات كثيرة، وتخلُّفهم عن ركب الحضارة التي وضع أسلافهم أسسها ومناهجها، وتلك المجتمعات العربية والإسلامية تعاني من ثالوث مدمر قادر على الفتك بها وبأقوى الأمم، والعقول العربية مغيَّبة ومقيَّدة وممنوعة من التفكير، والدليل على ذلك أن لديهم المنهج الذي ساد به أوائلهم، لكنهم أعرضوا عن هذا المنهج ولم يأخذوا به وذهبوا يلتمسون الحل في مناهج أخرى وضعية تخلى عنها أصحابها.
مؤلف كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
محمد إبراهيم خاطر: كاتب وحاصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء، ودبلوم الدراسات الإسلامية، ويعمل مدربًا، وله عدد من الكتب منها: “عصر الرقص”، و”الإعلام والتوعية البيئية”، و”السلامة الصحية والمواد الخطرة”، و”الشباب ودورهم في التغيير والإصلاح”، كما أن له أكثر من 1000 مقال نُشرَت بصحيفة الوطن القطرية، وعدد من المجلات والمواقع الإلكترونية.