أزمات حلت بمصر منذ الفراعنة وحتى وباء 808 هـ
أزمات حلت بمصر منذ الفراعنة وحتى وباء 808 هـ
تلك الأسباب التي تم شرحها هي سبب حدوث أغلب الأزمات الاقتصادية التي مرت على مصر مثلما حدث قبل طوفان نوح عليه السلام، في عهد “أفروس بن مناوش”، و”فرعان بن مسور”، واستمر الفساد في البلاد حتى أرسل الله سبحانه وتعالى الطوفان وأهلك العالم.
من بعد الطوفان جاءت أزمات للأسباب نفسها في عهد “أتْرِيب بن مَصْرِيم”، و”الريان بن الوليد بن درمع العمليقي” وجاء تدبير المحنة علي يد هود عليه السلام في عهد أتريب بن مصريم، ويوسف عليه السلام في عهد الريان بن الوليد. ثم جاء غلاء هلكت فيه الأرض ومن عليها وذلك عند إرسال موسى عليه السلام إلى فرعون، ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
واستمر حدوث المسببات نفسها وما تلاها من نتائج حتى جاء أول غلاء رآه المسلمون في مصر، في عهد “عبد الله بن عبد الملك بن مروان”، وتوالت المجاعات التي حُلت سريعًا بارتفاع منسوب النيل، وخفض الأسعار ووقف الاحتكار، في عهد “أنُوجُور بن الإخْشِيد”، و”علي بن الإخشيد”، و”الحاكم بأمر الله”، و”الآمر بأحكام الله”، و”الحافظ لدين الله”، و”الفائز بنصر الله”، و”الناصر محمد بن قلاوون”، و”الأشرف شعبان”، وخلال هذه الفترات مرت على مصر أزمات طاحنة طويلة الأمد، مات فيها الناس جوعًا، وفرغت الشوارع من كثرة الموت، فأكل الناس لحوم بعضهم والميتة والقطط والكلاب، وأكلت الأمهات والآباء أطفالهم، ولم يشفع لهم عند سلطانهم شفيع، وذلك في عهد “المستنصر”، و”العادل الأيوبي”، وكلتا الأزمتين فُرجت بارتفاع منسوب النيل، فزُرعت الأراضي وسكنت الأمور.
واستمرت الأزمات الاقتصادية في مصر للأسباب نفسها حتى عام 808 هـ، وهو العام الذى كتب فيه المقريزي هذا الكتاب نتيجة انتشار الطاعون وفساد البلاد والحكام، فقد مات في هذا الوباء آلاف الناس من ضمنهم ابنته الوحيدة.
الفكرة من كتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة
يرصد المقريزي نحو عشرين أزمة اقتصادية مرت بمصر تفاوتت في شدتها، فهلك فيها البلاد والعباد، ولاقت فيها فئات الشعب المصري ضروبًا من المحن والمآسي، وقد ظن أهلها أنها أزمات لن يكون لها مثيل على مر الزمان، وأنها فترات لن تمضي، ولكن ها هو يؤكد أن الأزمات تتكرر، فمنذ بداية الخليقة مرورًا بطوفان نوح عليه السلام، إلى أول أزمة اقتصادية في مصر في عهد “عبد الله بن عبد الملك بن مروان”، وصولًا إلى زمن تأليف هذا الكتاب في عهد “السلطان برقوق”، فقد اتفقت أسباب الأزمات وتصرف الشعوب حيالها ووقعت نتائج مشابهة في سائر الأقطار والبلدان.
مؤلف كتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة
تقي الدين المقريزي، سمي بشيخ المؤرخين العرب لعظيم أثره في علم التاريخ، فقد كتب العديد من المؤلفات التي امتازت بالأسلوب العلمي والمنطقي.
تنحدر أسرة المقريزي من مدينة بعلبك بلبنان، ولكن والده انتقل إلى مصر طلبًا للعيش، فولد المقريزي في القاهرة وتوفي فيها، ونشأ نشأة علمية دينية جعلته من أبرز العلماء المسلمين في القرن التاسع الهجري – الرابع عشر الميلادي.
أهم مؤلفاته:
السلوك لمعرفة دول الملوك.
تاريخ الأقباط.
البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب.