أزمات السعادة في ظل المجتمع الاستهلاكي
أزمات السعادة في ظل المجتمع الاستهلاكي
منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، أصبح السعي وراء السعادة واجبًا إلزاميًّا، وبالتالي أصبح حملًا ثقيلًا على الفرد ولا يلوم عليه أحد سوى نفسه، وصوَّر لنا المجتمع الاستهلاكي أن السعادة ترتبط بالأشياء المادية التي نملكها ومظهرنا الجسدي والاجتماعي، ولا نهاية للذات، وأثبتت دراسات أمريكية أن التعاسة تحدث لوضعنا آمالًا مستحيلة، والاكتئاب يحدث بسبب الإلزام الحديث الذي يلزم الشخص بتحقيق نفسه بنفسه، ووُصف بأنه مرض المسؤولية، إذن الحل هو ألا نضع أهدافًا بعيدة جدًّا ومُبالغًا فيها وإنما نسعى وراء السعادة بمرونة وصبر.
مشكلة أخرى نواجهها هي أننا طوَّرنا حالة من عدم الاكتفاء، فبمجرد ما نُشبع رغبة ما، تنمو أخرى. ولهذا رأى الفيلسوف كانط أن السعادة المُطلقة لا يمكن الوصول إليها على الأرض، ويشارك شوبنهاور كانط في رأيه أننا عبيد لرغباتتا، فلن نجد السعادة الدائمة، ولا يمكننا أن نشعر بها إلا على هيئة فرار من الألم والمعاناة، ويكشف تعريف كانط وشوبنهاور للسعادة علاقتها بالأنا في داخلنا التي تريد أن يستجيب العالم لرغباتها، والحل هو دفع الإرادة للانخراط في الحياة كما هي لا كما نتوهَّم أن تكون.
المشكلة الأخيرة تتمثَّل في ربط سعادتنا بالمال، في حين أن الحقيقة أنه ليس عنصرًا حاسمًا في سعادتنا، حيثُ أثبتت دراسات في أمريكا وفرنسا أن علو مستوى الدخل لم يتبعه ارتفاع في سعادة الأفراد، واكتُشف أن معدل الرضا في الدول الغنية متطابق تقريبًا مع الدول الفقيرة، وعلينا تجنُّب مقارنة أنفسنا مع الأكثر ثراءً ورفاهية، وترجع أسباب وضعنا المال في مرتبة عالية لتحقيق السعادة إلى أننا نرغب فيما لا نملكه، وكوننا نمر بحالة من عدم اليقين الاقتصادي على عكس آبائنا، فنحن لا ندعو لإنكار دور المال في حياتنا لكن يجب أن نراه كوسيلة وليس كهدف.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.