أركان السعي
أركان السعي
الإقدام هو الركن الثاني من أركان السعي، وهو ضروري للسعي، فنجاح الفرد يأتي من إقدامه على الأعمال الكبيرة، ويعني الاتصاف بالجرأة والاجتهاد والإصرار والثبات عند الإقبال على عمل ما، وينبع الإقدام من حب النفس، ويقوم على معرفة الإنسان لقدره واعتماده على نفسه، فأفضل صفة للإنسان معرفة قدر نفسه؛ أي أن يعرف ما لديه من علم وقدرات عقلية وجسدية ومادية وغير ذلك من صفاته، لأن ذلك يجعله يتكلَّم بما يعرف، ويسعى عن معرفة وخبرة وبما يتناسب مع إمكانياته، فيؤدي ذلك إلى احترامه وتصديقه ونجاحه، أما الاعتماد على النفس فيعني أن يسعى الإنسان إلى تحصيل المال بنفسه ولا يتكل على غيره في تلبية احتياجاته.
يَلي الإقدامَ ركنُ الاستقامة، وتعني سعي الإنسان لحقه دون أن يجور على حق غيره، وهي أساس نظام الأعمال ومن غيرها تتوقَّف، وتتحقق الاستقامة بالصدق والوفاء والأمانة والعدل، فالصدق أهم ما يتصف به الإنسان، والصدق يقتضي الوفاء، أي الثبات على القول والوفاء بالوعد دون تسويف أو تردُّد، والأمانة هي حفظ حقوق الغير عندما تكون تحت تصرُّف الفرد التام، وتتضمَّن حفظ المال والأسرار وأداء الواجبات، والعدل هو رضا الإنسان بحقِّه حتى وإن كان بإمكانه أخذ حق غيره.
يأتي بعدهما ركن التودُّد، فيجب على الفرد الانسجام مع الأفراد في البيئة التي يعمل فيها حتى يحصل على معاونتهم، وكثرة الأصدقاء تساند الفرد عند الحاجة وذوو الفطنة يهتمُّون بكسب الأصدقاء اهتمامهم بحمع المال، وكسب الأصدقاء الصالحين والمخلصين يتطلَّب اللطف والشكر والتسامح والإخلاص وعزة النفس وحسن المظهر، والركن الأخير للسعي هو المعروف، فصانعه يحصل على راحة النفس وثناء الآخرين ومدحهم، وأهم أنواع المعروف المروءة؛ أي تقديم المعروف للصديق عندما يكون في محنة، أو تقديمه للغريب أو العدو عند الحاجة الضرورية، إضافةً إلى الإحسان؛ أي تخصيص مبلغ من المال للفقراء والعاجزين بغض النظر عن الوضع المادي للفرد، وكذلك المواساة؛ أي تعزية الصديق وتسليته عندما يكون في حالة حزن، وإرشاده ومرافقته في حزنه وسعادته.
الفكرة من كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
من منَّا لم يحلم بالسعادة والثراء؟ وهل لتحقيق الثراء طريقة عملية يمكن أن نهتدي بها في تحقيقه أم أنه حظ سعيد للبعض؟ إن السعادة والغِنى أمنيتان يشترك فيهما ويبحث عنهما الجميع؛ إن هذا الكتاب جزء من كتاب أكبر بعنوان “أبواب السعادة”، وهي ثلاثة أبواب: الثروة والحب والصحة، وهو يتحدث عن الباب الأول للسعادة فيطرح له ثلاثة مناهج، وهي السعي والعمل والاقتصاد، باتباعها والالتزام بأركانها يحقِّق الإنسان الثروة.
مؤلف كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
نقولا حداد: صحفي وعالم وروائي وشاعر، ولد عام ١٨٧٨م في لبنان، والتحق في المرحلة الابتدائية بمدرسة صيدا الأمريكية، ودرس تخصُّص الصيدلة في الكلية البروتستانتية السورية، ثم انصرف بعدها لتعلم النظرية النسبية، عَمِل مدرسًا وتاجرًا ومحرِّرًا ورئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بنشر أفكاره في صحيفتي المقتطف والهلال، وقام بتأسيس جريدتي المحبة المدرسية والحكمة المدرسية، وقيل عنه إنه من طلائع النهضة العربية، وتوفي عام ١٩٥٤م.
من أعماله: “وداعًا أيها الشرق”، و”الاشتراكية”، و”فلسفة الوجود”.