أدِِّ ما عليك.. فقط
أدِِّ ما عليك.. فقط
كثيرٌ منا يُذهِب عمره في انتظار ما يظنه حقًّا واجبًا له يستحقه هكذا بغير جهد منه ولا تعب إلا لمجرد ظنه باستحقاقه، فيقعد لهذا الأمر ويتكاسل عما عليه من واجبات أصلًا بل وينكرها أحيانًا! وبصرف النظر عن حدوث هذا في علاقات الناس، فإننا نتعامل بمثل الأسلوب تقريبًا -مع الفارق- مع الله (جل وعلا) فنظنُّ نعمًا مستحقة ونترك فروضًا واجبة ونُحيل النِّعم فروضًا والفروض امتنانًا! قال (صلى الله عليه وسلم): «لو أنكم تتوكَّلون على الله حق توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا»، فالله قد ضمن لعباده الرزق ولو وكَّلهم رزق أنفسهم لهلكوا، لكنه وكَّلهم العبادة وكفل لهم الرزق، فأضاعوا تلك ولم يحصلوا من هذا إلا على ما هو مقدَّر لهم.
والمكوث على العبادة والتزام المطلوب من الإنسان من حقوق يتطلَّب من المرء رويَّةً وعدم استعجال وبناءً محكمًا للنفس فإن الحلم بالتحلُّم والعلم بالتعلُّم، وقد يستعجل بعضنا ذلك وتصحو شهوة الظهور والشهرة بداخله فيستعجل إمامة القوم وهو أجهلهم، وهذا بناء فاسد إن قام على هذا الأساس والغرض، وإنما من تعلم حق التعلم أدرك أنه لا يتعلم إلا لله ثم لنفع نفسه، وأنه لولا الله ما دانت له نفسه وقبلت هذا العلم وقامت على تلك العبادة وسلَّمت أمور رزقها وتدبير شؤونها إلى بارئها.
إن التسليم لقضاء الله وقدره يسهل على المؤمن تقبُّل مجريات الحياة متطلعًا إلى الحكمة العليا من ذلك، وأما من وقف رأسًا برأس أمام الأقدار يريد أن يفهم ويدرك أو أن يغير ويقدم ويؤخر فلن يناله من ذلك إلا الجهد ولن يلحقه من ذلك إلا وصف الحمق! وكم من حادثة يضيق بها المرء ذرعًا ثم ما تلبث أن تكشف له عن عطاياها وخيراتها، وإدراك ذلك محض فضل من الله يعطيه ويريه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
الفكرة من كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
إن «صدق العاطفة ليس عذرًا للخلط العلمي، ولا للقول في دين الله بالهوى والرأي، فإن للإسلام ينابيع معروفة محصورة تؤخذ أحكامه منها وحدها، ولا يؤذن لبشر بالزيادة عليها أو الانتقاص منها».
مجموعة من المقالات المنوعة المترابطة كونها تصحِّح التصوف المغلوط وتوضحه من وجهة نظر إسلامية صحيحة، وتربط أعمال القلوب بأصل الدين ووجود الإنسان وهدفه وغايته بأسلوب سهل قريب للقارئ.
مؤلف كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
محمد الغزالي: عالم ومفكر إسلامي مصري، وأحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرِف عنه تجديده في الفكر الإسلامي، كما عُرِف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة. ولد في الخامس من ذي الحجة 1335 هـ/ 22 سبتمبر (أيلول) 1917م، وتوفي يوم 20 شوال 1416 هـ/ 9 مارس (آذار) عام 1996م، تاركًا لنا مكتبة عظيمة من الكتب والمؤلفات.
ومن أبرز مؤلفاته:
فقه السيرة.
هموم داعية.
جدد حياتك.
نظرات في القرآن.
سر تأخر المسلمين والعرب.