أدعية في دفع البلاء والكرب
أدعية في دفع البلاء والكرب
يتعرَّض الواحد منَّا للابتلاء والكرب وحدوث ما لا يرغبه، من صعوبات وضغوطات، وقد يتعرض لفشل ما في حياته، فعلى المبتلى أن يلجأ إلى ربه في كربته، وأن يتضرع بين يديه سبحانه، فالدعاء هو السلاح الذي يدفع به الضر والبلاء، وقد جاءت أدعية كثيرة لدفع البلاء في القرآن والسُنة النبوية، فلم يترك النبي (ﷺ) أصحابه (رضوان الله عليهم) حتى علمهم كيفية الدعاء، وكما جاء في القرآن عن أنبياء سبقوه.
ومن أعظم الأدعية وأنفعها التي جاءت في القرآن والسُنة النبوية، دعاء العبد عند إصابته بمصيبة كبيرة لا يحتملها مثل الموت فعليه أن يقول ويتصبر: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، تبعًا لقول الله عز وجل في كتابه: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، وقيل فيها: عن أم سلمة (رضي الله عنها) عن الرسول (ﷺ) أنه قال: “مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا”، وإذا توقع العبد سوء البلاء الواقع عليه فليحتسب لله ويقول: “حسبُنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا”، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: “كان آخر قول إبراهيم حين أُلقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل”.
أما من أصابه الغم والهم فكيف يغفل عنه قول سيدنا يونس (عليه السلام) وهو في بطن الحوتِ حين قال كما جاء في القرآن الكريم: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، فهي ليست خاصة فقط بسيدنا يونس بل بعموم المسلمين، وقال رسول الله (ﷺ) عن هذه الدعوة: “إِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ”، وعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: “عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ (ﷺ) إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَنْ أَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ، وَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”.
الفكرة من كتاب أثر الدعاء في دفع المحذور وكشف البلاء
يقول الله عز وجل في كتابه المُبين: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾، فالله خلقنا في أحسن تقويم، وألهمنا نفسًا سوية وفطرة سليمة، وهناك من يُزكي نفسه فيفلح، وهناك من يُدنسها بالخطايا والفجور فيخيب ويخسر، والنفس البشرية قائمة على فطرة الله فيها، ثم تنغمس في الحياة فتحتاج إلى تغذية وتزكية نفسية وروحية لترتقي، ومن أعظم هذه التغذية ووسائل الارتقاء الإيماني الدعاء، الذي قال فيه النبي (ﷺ): “الدعاء هو العبادة”، وفي هذا الكتاب يعرض لنا الدكتور محمد موسى الشريف أثر الدعاء في المسلم وأهميته في دفع البلاء، مُستدلًّا بالقرآن والسُنة ووقائع من سير الصحابة والصحابيات، ومن الأئمة السلف والتابعين بهدف تزكية النفوس والقلوب.
مؤلف كتاب أثر الدعاء في دفع المحذور وكشف البلاء
محمد موسى الشريف: كاتب وداعية إسلامي سعودي وإمام وأستاذ جامعي، وباحث في التاريخ الإسلامي، وطيار مدني أيضًا، فقد تمكن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية، وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة.
له مؤلفات عديدة منها: “أثر المرء في دنياه” و”عجز الثقات” و”الطرق الجامعة للقراءة النافعة”، و”مصطلح حرية المرأة بين كتابات الإسلاميين وتطبيقات الغربيين”، و”ضوابط منهجية في عرض السيرة النبوية”، و”التنازع والتوازن في حياة المسلم”.