أخلاقيات الراية الحمراء
أخلاقيات الراية الحمراء
ينقل لنا الكاتب صورًا من أخلاقيات الشيوعيين كما رآها، فهذا هو “ح.س” أحد فلاحي القرية الذين غرَّر بهم السياب نفسه وكان يردِّد له أن الفقير أخو الفقير، يخون صديقه الفلاح المريض في غيابه ويتسلل إلى فراش زوجته مقابل بضع سيجارات، بل لقد أعان السياب فلاحًا اغتصب معدات من الأرض على جده، واعتبر ضرب الفلاح السارق لجده انتصارًا للشيوعية على الإقطاعيين.
إن أخلاق الشيوعيين واحدة في كل مكان؛ يبرهن السياب على ذلك، فهذا الكهل الإيراني قد أفسدت المدرسة بمناهجها الشيوعية أخلاق أولاده العالية حتى جفوه وقسوا عليه، وهذا الرفيق اليهودي “نعيم طويق” والرفيق “عبد الدايم” قد خلعا عنهما رداء الحياء إلى مستنقع الشذوذ بالقرية، وهذه دماء (خ)تروي كيف أسالها أبوها بعد غدر أحد الرفاق آواه بالبيت؛ فزنى بابنته، وهذه بغداد شاهدة على جبن الرفاق إذ تركوني -يقول السياب- أنزف في الشارع بعدما هاجمت الشرطة إحدى المظاهرات والتي كان الصمود حتى الموت شعارها ومنهجها! يذكر السياب عدة صور من جبن الرفاق الشيوعيين، ويُرجِع سببه إلى إلحادهم وإنكارهم البعث والحياة الآخرة، فتصبح الحياة عزيزة عليهم.
هناك ثلاث تهم توجه إلى الشيوعيين: القسوة والدموية، والإباحية، والإلحاد وازدراء الأديان، أما الأولى فليس أدل عليها من مجازر الموصل وكركوك وعشرات الجرائم داخل العراق وخارجه، وأما الثانية فهي الكفاية، وكان ما يقوم به الحزب من حثٍّ للشبان ذوي الجمال داخل السجون من أجل الترفيه عن الرفاق وقت اعتقالهم! وأما الأديان، فكثيرًا ما يروجون عن احترام الشيوعية للأديان كافة ويبثون الكتب من أجل إثبات أن النظام الشيوعي ليس ضد الدين، وتلك خديعة كبرى، أنى لمساجد وكنائس مفتوحة لكبار السن، بينما تُحشى رؤوس الشباب السوفييتي بالإلحاد وتسفيه الأديان في المدارس والكليات والنوادي!
الفكرة من كتاب كنت شيوعيًّا
“ليست كتابات الرفيق رائد التي فضح فيها الشيوعية والشيوعيين هي التي حفزتني على الكتابة، إنها فكرة ظلت تراودني منذ أمد بعيد، أن أكتب تجربتي مع الشيوعيين، كيف اعتنقت الشيوعية، وماذا رأيت فيها ومنها، وما الذي جعلني أصبح عدوًّا لدودًا لها.. وها أنذا أحقق حلمي اليوم!”.
بعد أكثر من أربعة عقود على وفاة الشاعر والكاتب بدر شاكر السياب، جُمعت اعترافاته التي نشرها عام 1959 في جريدة “الحرية” البغدادية في كتاب واحد، تلك الاعترافات التي ضمَّنتها شهادته على الحزب الشيوعي عندما كان بين صفوف الشيوعية لتبقى شاهدةً على التاريخ.
مؤلف كتاب كنت شيوعيًّا
بدر شاكر السياب: شاعر عراقي، ولد في الـ 25 من ديسمبر عام 1926 بالبصرة، يُعد واحدًا من أشهر شعراء العرب في العصر الحديث، أسهم في تأسيس مدرسة (الشعر الحر) برفقة مجموعة من كبار الشعراء، كما عمل مدرسًا للإنجليزية، ثم فُصل من وظيفته لميوله السياسية وأودع السجن، وفي سنة 1952 اضطُر إلى مغادرة بلاده والتوجُّه إلى إيران ثم الكويت، وقد فارق الحياة في الـ 24 من ديسمبر عام 1964 بالكويت بعد صراع مع المرض.
ومن أعماله الشعرية: “أساطير”، و”قيثارة الريح”، و”أزهار ذابلة”، ومن أعماله النثرية: “الالتزام واللا التزام في الأدب العربي الحديث”، ومن ترجماته: “ثلاثة قرون من الأدب”، و”قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث”.