أخطاء يقع فيها المربون
أخطاء يقع فيها المربون
بعض الأمهات لا تكف عن معاملة أبنائهن كأطفال رضَّع، فهن لا يقطعن الحبل السري الذي يصلهن بأطفالهن، فترى هؤلاء الأطفال غير قادرين على اتخاذ أبسط القرارات، كما أنهم يصابون بالانهيار عند أول عاصفة تصادفهم في طريق الحياة القائم على الذاتية في التصرف، وهذا الطفل الاتكالي سيصبح رجلًا عالة على المجتمع عندما يكبر.
فهذه الأم غالبًا تجهل تبعات سلوكها من الإضرار البالغ بشخصية ابنها، وكذلك صحته النفسية، كما أن كل فرص توكيد ذات الطفل تتلاشى، رغم احتياجه إليها لتحقيق نمو نفسي سوي، كما أنها تدمر ثقته بنفسه وتنمي لديه عقدًا نفسية دفينة، فعادةً ما يصاب هذا الطفل بالهلع المدرسي.
وإذا أخطأ الطفل فيجب على المربي ألا يعالج الأخطاء دفعة واحدة، كما يجب على المربي أن يسمح لنفسه بالنظر في ما وراء المشكلة، ويدع للطفل مهمة اقتراح حلول وتحمل نتائجها، والاعتماد على المكافآت المعنوية أكثر من المادية، فعبارات المدح والإعجاب تؤثر في نفسية الطفل أكثر من أي شيء آخر.
كما يجب أن يلتزم المربي بالقواعد وكأنها اتفاقات مكتوبة، وعلى الأب أن يدرك أنه الداعم النفسي للأم، ويقولون إن أهم دور للأب أن يتخير لأبنائه أمًّا صالحة، كما أن الأم منوط بها أن تفطم أبناءها عنها نفسيًّا وتعدُّهم للانفصال عنها تدريجيًّا عن طريق بث روح المسؤولية في نفوسهم.
ويجب على المربي أن يراعي دلالة رسائله غير الملفوظة، فقبلة واحدة على جبين صغيرك تجعله أكثر ثقة بك، فالطفل يشعر حتى بما لا يصرِّح به أبواه لأنه فيلسوف بفطرته، وعليه فإن قبول صحبة الطفل يجب ألا يكون عبئًا على الأهل، وإنما فرصة لقضاء وقت للتواصل، وهذا يعزِّز شعور الابن بالقبول غير المشروط.
الفكرة من كتاب أولادنا بين التبعية والاستقلال
يفتح هذا الكتاب أعين المربي على بعض الحقائق التي يجب أن يراعيها أثناء عملية التربية، فالتربية ليست علاقة من طرف واحد، وإنما هي عملية تبادلية يتأثر فيها كل طرف بالآخر، ويتعلم فيها الطفل من أبويه والعكس، وإننا نربي أبناءنا مقابل تربيتهم لنا، فالابن قادر على إتمام تربية والديه وإرشادهما بشكل غير مباشر، ولكن تظل العلاقة تحت قيادة المربي.
ويؤكد الكاتب أن الابن ليس خادمًا مجانيًّا، وإنما هبة من الله، وقدر معقول من السلطة الأبوية ضروري لبث شعور الأمن والطمأنينة في نفوس أطفالنا، وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب مقتضيات تربية طفل على الاستقلال وحيثياتها وآثارها الإيجابية في الطفل وفي أبويه، وفي المقابل يعرض الآثار الناتجة عن تربية طفل مطيع لا يناقش، فالآباء الذين يختارون التربية على الطاعة لا النقاش، إنما مالوا إلى هذا الاختيار لتنشئة أبناء قادرين على الاندماج في المجتمع بسهولة ودون معاناة تُذكر.
ويدور الكتاب حول سؤال مركزي؛ ألا وهو: هل نربي أطفالنا على الاستقلال ليناقشونا في كل أوامرنا، أم نربيهم على الطاعة المطلقة دون نقاش؟ ويرى الكتاب أننا يجب أن نقاوم فكرة خلق جيل مماثل لآبائه لا يملك القدرة على التعبير عن نفسه والتصريح بمشاعره وكينونته، وإنما يجب على الآباء والأمهات أن يستسلموا لحقيقة أن أطفالهم سيختارون طريقهم الخاص دون الحاجة إلى جهد خارق من الأبوين.
مؤلف كتاب أولادنا بين التبعية والاستقلال
عبدالعزيز الخضراء: كاتب وباحث في المجال التربوي ومستشار أسري، عمل مدرسًا لمادة الرياضيات ثم تخصَّص في أبحاث التربية والتعليم لإيمانه بقدسية مهنة التعليم، مهتم بالإدارة التربوية وترسيخ المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية التي تستهدف إنشاء جيل مبدع صالح وسوي نفسيًّا.
نشر العديد من المقالات في عدة مجلات وصحف تربوية متخصصة، ويعد هذا الكتاب ضمن سلسلة أصدرها الكاتب تحت عنوان “نحن وأبناؤنا”، والتي تتناول عدة كتب أخرى؛ مثل: “الآباء والتربية المعاصرة”، و”التكامل التربوي بين البيت والمدرسة”، و”الأمومة مسؤولية فكيف تمارسينها”، وغيرها من المؤلفات.