أخطاء كارثية
أخطاء كارثية
هناك أخطاء كارثية بالمعنى الحرفي، ووجودها في التربية يتسبَّب في الضرر للطفل وللوالدين وللمجتمع كله، وهي تقلِّل من مهارات الإبداع وقوة الإدراك، ومن هذه الأخطاء الحماية الزائدة، أي إننا نجد الآباء يخافون على الطفل بشكل مبالغ فيه، ما يجعله معدوم الثقة بالنفس ويحب الاعتماد على غيره ولا يقدر على اتخاذ القرارات، إذ إن عدم اختلاط الطفل بأرض الواقع تجعله هشًّا ومعرَّضًا للأذى النفسي بكل بساطة.
كذلك خطأ الإهمال الذي يكمن في انشغال الأب والأم عن دورهما في التربية، بحيث يرمي كل طرف الحِمل على الآخر، ما يؤدي إلى النشأة العدوانية للطفل والشعور بالنقمة والغيرة، لذا سيحاول أن يلفت الانتباه في المجتمعات الدراسية نتيجةً لما يلقاه من الإهمال والتجاهل في منزله.
ومن الأخطاء الكارثية كذلك خطأ التسلُّط، بحيث يشعر الوالدان بوجوب تنفيذ كلامهما بالحرف الواحد دون حياد، ويستخدمون أسلوب الالتزام والجدية التامة، ما يجعل الطفل في حالة ذعر وخوف وانزعاج من التجارب الجديدة.
وقد يُعاني الوالدان من وجود طفل عنيد لا يتجاوب مع أي شيء ويحب المخالفة، ما يجعلهما لا يمارسان الحياة بشكل سلس وبسيط، ولكن قد تكون هذه الصفة مكتسبة أو وراثية من أحد الآباء أو الأقارب، ولا بد من التركيز وراء الدافع الحقيقي للسلوك العنيد.
وهناك صفات يتميَّز بها الطفل العنيد عن غيره مثل رغبته في السيطرة دائمًا، وقد نجده أحيانًا يتحرَّك كثيرًا عند وجود أناس في المنزل ويتكلَّم بصوت مرتفع، كذلك فإن لديه قدرة على تحمُّل كمٍّ كبيرٍ من السلبية مهما عوقب.
وهناك طرق تحدُّ من المشكلة مثل التركيز على إيجابيات هذا الطفل وشكره وإعطائه مساحة للتكلُّم معه، ومن الممكن أيضًا تعليمه أثناء اللعب، مثل أن يكون هناك وقت للعب وِفقًا لقوانينه التي يضعها، وتوجيهه أثناء ذلك لحب الإيثار والتعاون وتقبُّل الهزيمة.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.