أحوال شبه الجزيرة العربية ونظام قريش
أحوال شبه الجزيرة العربية ونظام قريش
كانت قريش مركزًا للثقافة العربية التي مُيِّزت بوجود الكعبة فيها، حيث يحج إليها العرب بمختلف معتقداتهم من جميع أنحاء الجزيرة، ممَّا أكسبها تحسُّنًا مادِّيًا ونهضةً أدبية في الشعر والحكمة، ولقد عُرف عن العرب اهتمامهم بحفظ السير وغيرتهم على تراث الآباء والأجداد وتفاخرهم بالنسب العريق، كما عُرف عنهم تمكنهم في السياسة ونُظُم الحكم كنظام الإمارة، وتنظيم القبائل ورئاستها منفردةً ومجتمعة.
أما عن قريش فلم تختر شيئًا من تلك النُّظُم، إنما اختارت نظامًا يشبه نظام المشيَخة بين الرومان الأقدمين، وهو مجلس يجتمع فيه رؤساء كل قبيلة ويتشاورون فيما بينهم، ويعملون على تنظيم أمورهم بأن تكون الرئاسة لعشر قبائل من قريش، لكل قبيلةٍ مهمةٌ وشرف خاص بها، فعلى سبيل المثال: كان لقبيلة بني هاشم شرف سقاية الحاج، واعتُبِرت مسؤولةً عن السلطة الروحية.
وكان لقبيلة بني أمية راية الحرب واختيار قائدها، لذا عُرفت بأنها صاحبة السلطة السياسية، ولقبيلة بني مخزوم الجيش وقيادة الفرسان، لذا كان لها السلطة العسكرية، وغير ذلك من المهام لباقي القبائل العشر، ومن قبيلة بني مخزوم نشأ خالد بن الوليد في أعرق بيوت قبيلته وأغناها وأشرفها، ولعائلة من أكثر عائلات العرب ثراءً لدرجة تُشبه ثروة المصارف في عصرنا الحالي.
الفكرة من كتاب عبقرية خالد
قيل إنه أمَّ الناس بالحيرة وقت خلافة أبي بكر الصديق فقرأ من سورٍ شتى، وبعدما سلم قال للناس مُعتذرًا: “شغلني الجهاد عن كثيرٍ من قراءة القرآن”، ولقبه النبي الكريم ﷺ بسيف الله في وقتٍ لم تظهر فيه بطولاته الكبرى، وقد صدق النبي وسبق، هو ابن الوليد المخزومي القرشي الذي أرعب اسمه أكبر دولتين على وجه الأرض في ذلك الوقت، هو صاحب السجل الخالي من أي هزيمة، ومن قال إنه كان دارسًا لفنِّ الحرب؟ بل كان هو صانعُهُ، هو الأمين الذي لم يحمل ضغينةً في قلبِه حتى في عزلِه، هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه).
مؤلف كتاب عبقرية خالد
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وأثر العرب في الحضارة الأوروبية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.