أحاديث الجسد
أحاديث الجسد
حركات الأيدي والأرجل ورفع الرأس وخفضه أحاديث لها معنى ومرمى، والاعتقاد بأنها نشاط حركي مجرد اعتقاد سطحي بعيد عن العلم وتحليلاته، حيث يرى العلماء أن لكل حركة جسدية مغزًى وإشارة إما دليلًا لعاطفة متدفِّقة أو تنبيهًا لانتهاء علاقة أو علامة انفتاح أو مؤشرًا على اضطراب.
فالأجساد قد تخبرنا بما لا يستطيع اللسان البوح به، كما يمكن لرسائل الجسد أن تعزِّز أو تكذِّب رسائل الشفاه لأن الجسم يفصح لا إراديًّا عن المشاعر الحقيقية فتراه يميل كله إلى من يحب وينفر ممن لا يحب ويبتعد ويقترب حتى وإن كانت الشفاه تقول خلاف ذلك، حيث يعتبر الميل بالجسد لغة معبرة بليغة تغني عن ألف قصيدة وتدل على الاهتمام والعاطفة، وعلى العكس تمامًا، فالجلوس في مكان بعيد من المتحدث وتجنُّب الاقتراب من الآخرين أثناء محادثتهم دلالة كبر وتعجرف وغرور؛ وكثرة الحركة والالتفاف دليل على عدم الاهتمام أو التململ والضجر إلى جانب تحريك الكتفين باستمرار إشارة إلى الاستهجان وعدم المبالاة.
وتخبرنا الخطوات حتى وطريقة المشي بأكثر من ذلك؛ فالمشي الثقيل مع رأس متدلِّية منحنية وكتفين مرتخيين يصرخ فينا أن هذا الإنسان بائس يائس استهلك حلوله وخسر آماله؛ والجسد المندفع إلى الأمام قدمًا في سيره مرفوع منتصب الأكتاف رأسه تعانق السماء يحكي لنا بطولات الشخص الواثق الصلب، إلى جانب الإشارات التي ترسلها الذراع المشتبكة على عدم الارتياح والتحفُّظ، وعلى العكس تشير بانثنائها إلى الخلف أو إلى الأمام على الإقبال والانفتاح.
وهكذا هي أجسادنا تروي قصص المحبة والدفء متى ما التفتت وأقبلت، وتلمح باقتراب الرحيل والوداع متى ما تراخت وانصرفت.
الفكرة من كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
قد لا ينتبه أغلبنا في محادثاتنا اليومية للرسائل المختبئة خلف نبرات الصوت أو في حركة الجسد أو نظرة العين، في الوقت الذي تعتبر فيه خصائص الصوت دلالة من دلالات السلامة العقلية والنفسية، ومقياسًا من مقاييس فهم الحالة المزاجية للشخص المقابل، حتى أن علماء الأنثروبولوجي قدَّموا أبحاثًا في هذا الصدد لفهم ما يظهر على وجه الإنسان من تعبيرات بغية تحسين التواصل أو قراءة الحالة أو حتى التبيُّن من صدق الشخص أو كذبه، إذ تعدُّ لغة الجسد لغة حقيقية قائمة بذاتها، وكل ما نشعر به حيال الناس في اللقاءات الأولى من مشاعر ارتياح أو حب أو نفور له جانب قوي متعلِّق بلغة الجسد؛ فالقوة التي تعطينا إياها قراءات الأجساد والوجوه من شأنها أن تسهِّل علينا عملية التواصل الصحي مع الآخرين، وأخذ الحيطة والحذر في حالة أخبرنا الحسد بذلك.
مؤلف كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
ليليان جلاس: من مواليد ميامي في الولايات المتحدة، وهي صحفية وطبيبة أمريكية، درست في جامعة منيسوتا، وخبيرة في الاتصال بين الأشخاص ولغة الجسم، ومعلِّقة إعلامية، ومستشارة في الدعاوى القضائية، وهي أيضًا مخرجة ومنتجة أفلام، وهي ابنة الناجي من المحرقة روزالي جلاس.
ولديها عدد من المؤلفات منها: “لغة جسد الكاذبين”، و”هو يقول هي تقول”.