أثر الحرب في العملة
أثر الحرب في العملة
أسقطت الحرب العالمية الأولى قاعدة الذهب، فانهار الأساس الذي كانت العملات المختلفة تُبنى عليه في تحديد الأسعار، ورفع الحد الذي كان غطاء الذهب يقيمه في وجه النقود الورقية، فانطلقت النقود الورقية تغرق الشعوب وبالطبع يتبع كثرةَ النقود ارتفاعٌ في الأسعار وتقليل في أثمانها، حتى إن سلعةً من السلع قد تباع بأضعاف الثمن الذي قد تباع به فيه في دولة أخرى، مما أدى إلى هلع الحكومات والأفراد فأفرطوا في الاستدانة، بما سمي بالقروض العقيمة.
كما أثرت الحرب في الأوراق المالية، فباع كل من الأفراد والحكومات ما يملِكونه من أوراق أجنبية، ليحولوا أسعارها لبلادهم ويشتروا بها أوراق بلادهم، لخوفهم استثمار نقودهم في الخارج، وسَرعان ما يجدوا أنفسهم مخدوعين لأن الدول لا تتقيد بالشروط التي وضعتها، كما أصدرت الحكومات قوانين بمنع هجرة رأس المال، وبما أن البنوك كانت خاضعة لسلطة رجال الدولة والسياسيين الذين لم يفقهوا شيئًا عن الاقتصاد، فلم تتمكن هي الأخرى من إنقاذ الموقف
فكان هَمُّ كل رجال الدولة توفيرَ الأموال للحرب، أو لخلق رفاهية زائفة، وبعد إدراكهم لحجم الخطر الهائل الذي حَلَّ عليهم، عقدوا مؤامرات للوصول إلى حل هذا التدهور، فكانت البلد تحاول جاهدةً لتثبيت سعر العملة على الذهب مرة أخرى، فأول من استطاع ذلك هي دولة “نيكارجوا”، أما إنجلترا فقد استطاعت تثبيت سعر عملتها على الذهب عام 1925م، ومن ثم قلدتها جميع الدول.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.