أثر التعليم المؤسسي في الذكاء والإبداع
أثر التعليم المؤسسي في الذكاء والإبداع
قال مارك توين مازحًا ذات مرة: “لم أسمح قط لدراستي بأن تشوِّش على ثقافتي”، ويبدو أن هذه المزحة كانت تحمل في طياتها شيئًا من الحقيقة، فكثير من الأشخاص العباقرة وبخاصةٍ في مجال الفنون لم يكملوا تعليمهم المؤسسي، وكثير منهم تركوا دراستهم الأكاديمية ولم يكملوها بحثًا عن شغفهم وإبداعهم، ومن الملاحظ قلة تأثير المدرسة في الأشخاص العباقرة، بل إن تأثير المدرسة إن وجد كان يتمثَّل في التهديد بإخماد وإعاقة الشغف والفضول اللذين يكتشفهما الطفل خارج أسوارها، وفي كثير من الأحيان يكون التعليم الأكاديمي معرقلًا للإبداع ومقيدًا له، فالوسط الأكاديمي يميل إلى رفض كل ما هو بالغ الابتكار من أبحاث لا تماثل النمط السائد مثلما حدث مع أينشتاين وبحثه بخصوص النسبية الخاصة.
والفكرة تكمن في أن المدارس والتعليم الأكاديمي بصفة عامة يركز على الذكاء فقط، في حين أن الإبداع والعبقرية ينشآن من عدة عناصر منها الحافز الداخلي والشخصية وغيرها، لذلك فإن المبدعين الاستثنائيين يلجأون إلى الهروب من قيود التعليم المؤسسي، ذلك لأن مكونات الذكاء غير مطابقة لمكونات الإبداع، ونحن لا نقول إن هناك تعارضًا بين المهارات الفكرية المشيرة إلى الذكاء كالمهارات اللفظية والرياضية والمنطقية، وبين الإبداع الفني، ولكن أيضًا لا يكونان مرتبطين بالضرورة.
وقسَّم المختصون العلاقة بين الذكاء والإبداع إلى خمس حالات محتملة، وهي: الإبداع باعتباره جزءًا من الذكاء، والذكاء باعتباره جزءًا من الإبداع، والإبداع والذكاء باعتبارهما شيئين متداخلين، والإبداع والذكاء باعتبارهما شيئين متطابقين، والإبداع والذكاء باعتبارهما شيئين منفصلين، وتبعًا لهذه الحالات المختلفة فإن زيادة نسبة الذكاء لدى الفرد ليست دليلًا قاطعًا على عبقريته، لكنه قد يكون مكونًا من مكونات العبقرية فيما بعد أو قد يتوقَّف عند هذا ويكون شخصًا مرتفع الذكاء الأكاديمي لكن ليس عبقريًّا مبدعًا.
الفكرة من كتاب العبقرية: مقدمة قصيرة جدًّا
نرى كثيرين من حولنا سواء في مجال الفن أو الرياضيات أو العلوم عندما يفعل شيئًا يتخطَّى حدود المعقول والمتعارف عليه في هذا الزمن وهذا المكان فننعته بالعبقري دون تفكير، لكن هل توقفنا للحظة وسألنا أنفسنا ما العبقرية وما السبب وراءها وهل هناك عوامل مؤثرة لأن تكون عبقريًّا؟
يطرح الكاتب كل هذه الأسئلة وأكثر ويحاول الإجابة عنها بالأدلة، لكي يساعد أصحاب الموهبة على تنميتها، وأن يصلوا إلى العبقرية إذا كان الوصول إليها ممكنًا.
مؤلف كتاب العبقرية: مقدمة قصيرة جدًّا
أندرو روبنسون: ممثل تلفزيوني ومسرحي وأستاذ جامعي وروائي وكاتب ومخرج.
ولد في الرابع عشر من فبراير عام ألف وتسعمائة واثنين وأربعين، في الولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك.
ألَّفَ نحو عشرين كتابًا في شتى موضوعات الفنون والعلوم. من بينها كتاب “هل العبقرية فجائية؟”، وأيضًا له خمس سِيَر ذاتية لمبدعين استثنائيين، أبرزها: “أينشتاين: مائة عام من النسبية” و”ساتياجيت راي: العين المستبصرة”، و”توماس يونج: آخر مَن عرفوا كل شيء”.