أثر التربية النبوية
أثر التربية النبوية
ثم كانت حَجَّة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، وكانت الجموع تحيط برسول الله ﷺ على مد البصر، وكان جابر (رضي الله عنه) فيها كعادته قريبًا منه ﷺ وروى لنا حديثًا طويلًا من أهم الأحاديث التي تبين مناسك الحج وتفاصيله.
ومرِض جابر بعدها، وظن أن أجله قد حان، فسأل رسول الله وهو يعوده مع أبي بكر وعمر كيف يصنع في ماله وميراث أخواته، فنزلت آية ميراث الكلالة. وفي ربيع الأول من السنة الحادية عشرة، كانت أكبر فاجعة حلت بالمسلمين، إذ توفي رسول الله ﷺ.
كان جابر قد ناهز السابعة والعشرين آنذاك، وظهرت في حياتِه بعدها آثار التربية النبوية في مواقف عديدة، مثل موقفه حين كرر الطلب من أبي بكر أن يُعطيه حقه من مال البحرين الذي وعده به النبي ﷺ، واختاره عمر عَرِيفًا على قومه، واستمرت مشاركته في الجهاد في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم حتى جاوز الستين وضعف بصره، وكان يجاهد بالكلمة فيزيل الشبهات عمن تأثر برأي الخوارج، وكان مفتي المدينة في زمانه ومؤدبًا ربانيًّا وله حلقة علم في المسجد النبوي، وكان ممن صبر على الشدة الأنصارية متبعًا وصية النبي ﷺ حين قال: “إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي ومَوْعِدُكُمُ الحَوْضُ”، وكان منها موقعة الحَرّة التي بعث فيها يزيد سَريَّةً نهبت وقتلت في المدينة لما أرادوا خلعه، وما لقوه من الحَّجاج الذي ختم على يد جابر إذ لم يُسلِّم عليه.
وقد رُزق جابر من سهيمة عبد الرحمن وأم حبيب، وتزوج بعدها أم الحارث بنت محمد بن مسلمة، ورُزق منها محمد وحميدة، ورُزق أيضًا ميمونة من أَمَةٍ له.
الفكرة من كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
كانت شخصية جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) واقعية حقيقية وربما بدت عادية، كانت فيه سمات جيل الصحابة الفريد من الإيمان، والتوازن في العبادة، والعلم الحي، والعمل الدؤوب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع هذا الكتاب نعرف حكايته ونرى ما حظي به من التربية النبوية.
مؤلف كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: كاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “الخلاصة في علم مصطلح الحديث” وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا و”حذيفة بن اليمان” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” و”فاطمة” و”خوَّات” رضي الله عنهم.