أبواب السعادة
أبواب السعادة
لا تستمر الحياة إلا بالحركة، ومهمة الإنسان في الحياة هي السعي والعمل للحفاظ على حياته وبقاء الجنس البشري، ويتمنَّى الإنسان أن يحيا حياة لها صفتان أساسيتان، وهما العمر الطويل والمعيشة الهانئة وتعبِّر عنهما كلمة المستقبل الذي لا يكون أيضًا إلا بالحركة، ولم يهتم أجدادنا بالمستقبل، فقد كانت معيشتهم بسيطة واحتياجاتهم قليلة، أما في وقتنا الحالي فقد زادت الاحتياجات وأصبح ما يعد من الكماليات احتياجات، ثم ظهرت كماليات أخرى، واهتم الشباب بجمع المال للزواج، وامتلاك منزل، والنفقة على الأبناء، وادخار مال لتقلُّبات الزمان، وذلك ما يجعله يهتم بمستقبله، ويُعِدُّ لمراحله العمرية المقبلة ليَقِي نفسه الفقر والهلاك، ويقع على الوالدين مهما بلغ غناهما أو مكانتهما ترسيخ معنى المستقبل لدى أبنائهما وإسناد مهمات لهم يحصلون على احتياجاتهم من نقود ولُعَب ونحوه مقابل القيام بها، وبذلك يتعوَّدون العمل، ويدركون أن تحصيل احتياجاتهم يتحقَّق بالعمل، وأن ما يُنفقه الأب عليهم يحصل عليه بالجهد، فيدركون قيمة المال ويرغبون في العمل ويتركون الكسل ويُعزَّزُ فيهم الاعتماد على النفس.
السعادة هي حصول الفرد على كل ما يتمنَّاه، وتختلف أماني الأفراد باختلاف أخلاقهم ورغباتهم وأذواقهم، وبالتالي تختلف طرق سعادتهم، فهي ليست في الغِنى أو السلطة أو متطلَّبات الفرح، بل بتحقيق الأماني بغضِّ النظر عن ماهيتها، وذلك يعني أنها تتوقَّف على رضا النفس، فإذا زادت رغباتها قلت سعادتها، وإذا كانت قنوعة سَعدت، ولكن الإنسان لا يقتنع بما يحتاجه فقط، بل يرغب في الكماليات، ووراء هذه الرغبة المجد والجاه، ولما كان الإنسان لا يسعى أن يكون شريفًا في نظر نفسه، بل في عين محبوبه؛ يكون المجد سببًا لرغبة أعمق وهي إعجاب المحبوب وإغراؤه، فالحب المتبادل هو “الأمنية العظمى” التي يسعى إليها الإنسان بالثراء، ولولا هذه الأمنية لما طمح الناس إلى الأفضل ولا إلى جمع المال ولا إلى الفن والابتكار وتطوُّر العلوم والمعارف، وهكذا تكون أبواب السعادة ثلاث: الثروة والحب والصحة.
الفكرة من كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
من منَّا لم يحلم بالسعادة والثراء؟ وهل لتحقيق الثراء طريقة عملية يمكن أن نهتدي بها في تحقيقه أم أنه حظ سعيد للبعض؟ إن السعادة والغِنى أمنيتان يشترك فيهما ويبحث عنهما الجميع؛ إن هذا الكتاب جزء من كتاب أكبر بعنوان “أبواب السعادة”، وهي ثلاثة أبواب: الثروة والحب والصحة، وهو يتحدث عن الباب الأول للسعادة فيطرح له ثلاثة مناهج، وهي السعي والعمل والاقتصاد، باتباعها والالتزام بأركانها يحقِّق الإنسان الثروة.
مؤلف كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
نقولا حداد: صحفي وعالم وروائي وشاعر، ولد عام ١٨٧٨م في لبنان، والتحق في المرحلة الابتدائية بمدرسة صيدا الأمريكية، ودرس تخصُّص الصيدلة في الكلية البروتستانتية السورية، ثم انصرف بعدها لتعلم النظرية النسبية، عَمِل مدرسًا وتاجرًا ومحرِّرًا ورئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بنشر أفكاره في صحيفتي المقتطف والهلال، وقام بتأسيس جريدتي المحبة المدرسية والحكمة المدرسية، وقيل عنه إنه من طلائع النهضة العربية، وتوفي عام ١٩٥٤م.
من أعماله: “وداعًا أيها الشرق”، و”الاشتراكية”، و”فلسفة الوجود”.