أبنائي المراهقون
أبنائي المراهقون
تختلف المراحل العُمرية التي يمر بها الإنسان، وأكثرهم تأثرًا وتأثيرًا هي مرحلة المراهقة فهي أنسبهم للتكوين التربوي السليم للفرد، وقد أُشير إليها في القرآن الكريم لأهميتها حين قال الله (عز وجل): ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾، والحديث هنا عن فتية أهل الكهف بإيمانهم الثابت أمام الباطل، وأيضًا في السيرة النبوية والأتباع والصالحين هناك أمجاد صُنعت على يد رجال في سن المراهقة مثل سيدنا علي بن أبي طالب نام مكان النبي (صلى الله عليه وسلم) وعمره ست عشرة سنة، ومحمد الفاتح فتح القسطنطنية في عُمر السابعة عشرة، وغلام أصحاب الأخدود ضحى بنفسه لله في عُمر الخامسة عشرة، وسيدنا أسامة بن زيد قاد جيش المسلمين في عُمر السابعة عشرة، وغيرهم الكثيرون على مدار التاريخ القديم والحديث وبخاصةٍ لو تعامل الأهل مع أبنائهم أنهم استثمار ممتد أثره.
لذا فمرحلة المراهقة هي مرحلة مُشَكِلَّة لصفات الطفل وقيمه وطباعه ومفاهيمه التي قد تكون إيجابية أو سلبية، حيثُ فيها ينمو الجسم والعقل والانفعالات وتتغيَّر الصفات الفسيولوجية، وتتكوَّن المهارات والمفاهيم العقلية، ويكوِّن علاقات جديدة، والاهتمام بالمسؤوليات الاجتماعية وما خارج الذات، ومحاولة اختيار المهنة المناسبة، والتعرف على السلوكيات الاجتماعية المقبولة، ومرحلة المراهقة الأولى تبدأ من عُمر الـحادية عشرة إلى الرابعة عشرة، ويحدث فيها تغيرات بيولوجية سريعة، والمرحلة الوسطى وهي اكتمال التغيرات البيولوجية من الرابعة عشرة إلى الثامنة عشرة، والمرحلة المتأخرة من الثامنة عشرة إلى الحادية والعشرين وفيها يصبح الشاب أو الفتاة شخصًا راشد التصرف والمظهر.
ولأنها مرحلة شائكة، فهناك دور كبير يقع على كاهل الأهل تجاه أبنائهم ومنها: ذكر محاسن أبنائك وقولها لهم، مثل: “أحب طريقة ضحكك”، أو “أحب حنانك في معاملتك لمن حولك”، أو “مغامراتك”، وهكذا، وشاركه في أمور حياتك واجعله من فترة إلى أخرى يُعلمك شيئًا جديدًا، واخرجوا معًا لممارسة رياضة ما أو تدريب أو زيارة مكان تاريخي مثلًا واستمتعا معًا، واستمع له دائمًا، واحترم خصوصياته، وتقبَّل التغيرات المزاجية السريعة عنده، وكن أنت القدوة الطيبة المجتهدة له، واعتذر لو أخطأت له.
الفكرة من كتاب إدارة البيوت والأزمات المنزلية
البيت مثل السفينة التي تحتاج إلى قائد يُدرك كيف يُبحر بها، معه مُرشد كالخريطة وعوامل مساعدة لتنجح عملية الإبحار الخاصة به، يتجنَّب عواصف البحر وينتفع من كنوزه كذلك، قبطانا السفينة فيما يخص البيت هما فردان في منظومة واحدة، أي الوالدين؛ إذ يجب أن يُحركا البيت بهُدى وعلى غاية واحدة، ومثل قبطان السفينة وأعوانه وما بينهم من هدف مشترك وتربطهم علاقة عمل ومحبة أيضًا، كذلك الأبوان، وهذا ما يجعل بناء البيت يُقام أيضًا على علاقة أوثق هي الحُب والتآلف والتفاهم بين أفراد الأسرة جميعًا، والبيت في محتواه دافئ يحمي الصغار والكبار من ريح الحياة وعواقبها، يجب أن يكون هذا هدف الوالدين؛ ألا يتركا بيتهما يُبنى من ورق أي عاصفة خرقاء تأتي وتُبعثره في مهب ريحها، إدارة البيت وفهم مسؤوليته وعواقب بنائه هذا ما يُرشدنا إليه هذا الكتاب حتى لا تأتي بعد فوات الأوان وتبكي قائلًا على لسان الكاتب: “كان لي سفينة كنت قائدها أبحرت بها على غير هدى في الوحل والطين فدمَّرتها بسوء إدارتي”.
مؤلف كتاب إدارة البيوت والأزمات المنزلية
الدكتور محمد فتحي: خبير التنمية البشرية والتطوير الإداري، وكاتب، وله مؤلفات أخرى منها: “البوصلة.. كيف تدير حياتك العملية والمهنية”.