أبناؤنا الصغار غير السعداء
أبناؤنا الصغار غير السعداء
هذه العدوى العالمية لم تستثنِ حتى الأطفال، فقد شهد القرن الحالي تزايد نسبة السمنة السنوية في هذه السن، ورغم ندرة الإحصاءات العربية في هذا السن، فإن الحال لن يكون مختلفًا كثيرًا عن الوضع العالمي، لا تختلف أسباب البدانة عند الأطفال عن أسبابها عند البقية، ولكن هذا يجعلنا نتساءل عن كيفية اكتساب الأطفال لهذه العادات، كيف يُمكن لطفل أن يكون بدينًا؟
إن سلوك العائلة مع الطعام سبب أساسي، يخرق الآباء مواعيد الطعام ويشكلون عادات سيئة لأطفالهم منذ السنوات المبكرة، وقد يعتمد بعض الأهالي على الطعام للتواصل مع أبنائهم، إذا بكى الطفل فهذا يعني أنه جائع، وقد يصبح الطعام نوعًا من المكافأة، أو طريقة للتهدئة، وكتم صوت البكاء مؤقتًا، يُحير هذا الطفل في سنينه الأولى، فعندما يغضب يطعمونه، وعندما يجوع يطعمونه، كيف سيفهم هذا الطفل متى يأكل، ومتى يكون هذا الشعور شيئًا آخر غير الجوع؟
يجب على الآباء أن يكونوا اختصاصيي أطفالهم الغذائيين، لن يكون الأمر صعبًا مثل البالغين، فعامل النمو، وزيادة الطول، يساعد على بقاء الوضع تحت السيطرة، غير أن إكساب الأطفال سلوكًا عقلانيًّا مع الغذاء في هذه السن سيكون أمرًا ضروريًّا، وهذا يستدعي من الآباء أن يشكلوا هذا النموذج الذي يسعون إلى تمريره إلى أطفالهم، وبدلًا من قوائم الممنوع والمسموح، لا ضير من أن يتناول ما يحبه مع الأطباق الأخرى المغذية، فتقديم الطعام في كل مرة على أنه اكتشاف صنف وطعم جديد، سيُعلم الأطفال أن يهتموا بالتلذذ بالطبق، ليس الالتهام وحسب، ويجعل علاقتهم بالطعام أكثر حماسة.
لكن لماذا تُعتبر مشكلة بدانة الأطفال مشكلة حديثة؟ ما الذي جدّ في حياة تلك الأعمار الصغيرة فجعلها أكثر عرضة لزيادة الوزن من الأجيال التي سبقتها؟ إنها الميديا التي لا تعبأ بما يناسب طفلك أو الأكثر فائدة غذائية بالنسبة إليه، تتعمد شركات الدعايا الدخول إلى عالم الأطفال، وتقديم شخصياتهم المحبوبة وهي تتناول الوجبات السريعة، إعلانات لا تراعي أي خصوصية لهذه السن، بل غالبًا ما تضع الأهل في الطرف الآخر ضد أبطال الكرتون الذين يتناولون السكريات البسيطة والمشروبات الغازية.
يا أيها الأب هل ستكون أنت شرير هذه القصة؟ غالبًا نعم، لكنك لن تسمح للمسوقين ومسؤولي الدعايا باستخدام طفلك منذ البداية.
الفكرة من كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
لا تأخذ مشكلة البدانة طابعًا سلبيًّا في المخيلة الشعبية، خصوصًا العربية، ويمكن تفهم هذا من تاريخ عالمنا مع الطعام، كانت الفترات العصيبة الكثيرة تحث الناس على التوجس من المستقبل، فأمدوا أجسادهم في أيام الرخاء بقدر ما استطاعوا، لكن بعد أن انحسرت فترات المجاعات، ظهرت البدانة نتيجة لعادات اختفت أسبابها، وزادت الحياة الحديثة من الأزمة، وأضافت إلى وفرة الطعام، نقص النشاط والدعوة إلى الراحة.
يُظهر المؤلف الوجه الآخر لظاهرة البدانة، كما ينتقد أساليب الحمية التقليدية التي لا تحترم رغبات الفرد أو حياته الخاصة، ويطرح أسلوبًا غذائيًّا متزنًا متنوعًا، هو أقرب ما يكون إلى طريقة أجدادنا الأوائل في العيش، ولا شك أن الأمر لا يتوقف عند الطعام فقط، لكنها الخطوة الأولى لحياة أكثر اتزانًا.
مؤلف كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
سمير أبو حامد: طبيب بشري ومؤلف، له عديد من المؤلفات في مجال الطب، منها:
مرض الزهايمر: النسيان من نعمة إلى نقمة.
الجلطة الدماغيّة: فالِج.. عالج.
التدخين آفة العصر: من الألف إلى الياء.