أبقراط ومنهجه
أبقراط ومنهجه
أبقراط هو أبو الطب، ويعد المؤسس لتلك المهنة، ولا يزال الأطباء يردِّدون قسَمه عند حصولهم على شهادة الطب، ولا تزال الأسس التي وضعها في التعامل مع الصحة والمرض والعلاج تُمارس في مستشفيات العصر الحديث، عاش أبقراط في الفترة من عام 460 قبل الميلاد إلى عام 370 قبل الميلاد، له بين خمسين وستين مؤلفًا في الطب والجراحة والتشخيص والعلاج والوقاية من الأمراض والنصائح عن النظام الغذائي، وغيرها من أوجه الحياة الصحية.
ولا يزال للطب الأبقراطي جاذبية كبيرة لدى أطباء العصر الحديث لِما له من خاصية الشمولية، أي المعرفة الشمولية بالمريض من ظروف اجتماعية واقتصادية وعائلية ونمط المعيشة وبعض المعرفة السابقة عن مرضه وصحته، وإلى جانب الشمولية اتصف أيضًا طب أبقراط بالطب الخالص والميل إلى الطبيعة على خلاف السائد في ذلك الوقت من الخلط بين الطب والدين والسحر، إذ كان يُنظر إلى المرض على أنه نتيجة غضب إلهي أو قوى سحرية، وانتشرت فكرة الطبيب الكاهن ومعابد الشفاء.
وعلى خلاف ذلك ذكر أبقراط أن المرض له سبب طبيعي، كما حاول تخليص الطب من النزعة الفلسفية وإن اعتمد على نظرية الأخلاط الأربعة في علاج مرضاه وقلة المعرفة بعلم التشريح، ومن أقواله: “ينبغي للناس أن تعي أن مشاعر البهجة والسرور والضحك والمرح والحزن والأسى والكآبة والفجيعة ليس لها منبع آخر سوى الدماغ، وبهذا نكتسب الحكمة والمعرفة”، أيضًا “الطب قياس وتجربة”، وقد سار جالينوس على نهج أبقراط وأضاف إليه الكثير من المعارف التشريحية والفسيولوجية.
الفكرة من كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
تماشيًا مع فطرة الإنسان في حفظ حياته، وإزالة الألم الذي يقوِّض راحته فقد حرص طوال تاريخه على إيجاد الوسائل التي تعينه على التداوي، ورغم مرور التداوي بأطوار تاريخية مع تطوُّر قوانينه وأساليبه وحتى مع اختلاف بعض أسسه وأدواته بين الأمم، فقد كان في معظم تاريخه لا ينفصل عن الحكمة الإنسانية بما تشمله من دين وفلسفة، حيث ينظر إلى الإنسان على أساس طبيعته الثنائية من الروح والجسد.
وتتابعت محاولات الإنسان على مر العصور للتخلُّص من الألم والمرض واستنتاج وتعلم وسائل التطبيب بدءًا بأبقراط ومن بعده جالينوس، ثم علماء المسلمين الذين كانوا قنطرة انتقال التراث العلمي اليوناني إلى أوروبا انتهاءً بما صار إليه الطب في العصر الحديث إثر التطور التكنولوجي وتزايد البحث العلمي بعد الثورة الصناعية في أوروبا، ويتناول الكتاب باختصار تاريخ الطب وما طرأ عليه من تغيرات ابتداءً بأبقراط حتى العصر الحديث.
مؤلف كتاب تاريخ الطب.. مقدمة قصيرة جدًّا
ويليام باينَم William Bynum: مؤرخ بريطاني، ولِد عام 1943م، حصل على درجة الأستاذية الفخرية في تاريخ الطب من كلية لندن، وعُيِّن رئيس الوحدة الأكاديمية لمعهد ويلكام لتاريخ الطب لسنوات عديدة، وعمل محررًا لمجلة ميديكال هيستوري العلمية في الفترة من عام 1980م إلى عام 2001م، من أشهر مؤلفاته بالتعاون مع روي بورتر: العلم وممارسة الطب في القرن التاسع عشر، وقاموس أكسفورد للمقولات العلمية، والنباتات الرائعة التي تشكِّل عالمنا.