أبعد ما بين السماء والأرض
أبعد ما بين السماء والأرض
تخيَّل أنك تحجُّ في صحبة النبي (ﷺ) الذي يقول: “عمرة في رمضان كحجة معي”، كيف تكون مشاعرك وصحوة قلبك وتهذيب نفسك، وكيف تكون البركة المحيطة بكما، وإن كنت في بيتك وقد بعدت بك المسافة عن بيت الله الحرام، فلم يفتك ثواب العمرة فقد بشَّر النبي أن من صلَّى الفجر في جماعة ثم ذكر الله حتى تطلع الشمس، فصلى ركعتي الضحى كتبت له بأجر حجة وعمرة تامة.
ولا أبلغ في بيان فضل رمضان من حديث طلحة (رضي الله عنه): “أنَّ رَجُلَينِ قَدِمَا على رسولِ اللهِ (ﷺ)، وكان إسلامُهُما جميعًا، وكان أحدُهُما أَشدَّ اجتِهادًا مِن صاحبِه، فغَزَا المُجتهِدُ منهُما فاستُشهِدَ، ثمَّ مَكَثَ الآخرُ بَعدَه سَنةً ثمَّ تُوُفِّيَ، فقال طَلحةُ: فرأيْتُ فيما يَرى النَّائمُ، كأنِّي عِندَ بابِ الجَنَّةِ، إذا أنا بهِما وقد خَرَجَ خارِجٌ مِنَ الجَنَّةِ، فأَذِنَ للَّذي تُوُفِّيَ الآخِرَ منهُما، ثمَّ خَرَجَ فأَذِنَ للَّذي استُشهِدَ، ثمَّ رَجَعَا إليَّ، فقالَا لي: ارجِعْ؛ فإنَّه لمْ يَأْنِ لكَ بَعدُ، فأَصبَحَ طَلحةُ يُحدِّثُ به النَّاسَ، فعَجِبوا لذلكَ! فبَلَغَ ذلكَ رسولَ اللهِ (ﷺ)، فقال: مِن أيِّ ذلكَ تَعجَبون؟! قالوا: يا رسولَ اللهِ، هذا كان أَشدَّ اجتِهادًا، ثمَّ استُشهِدَ في سبيلِ اللهِ، ودَخَلَ هذا الجَنَّةَ قَبْلَه! فقال: أليس قد مَكَثَ هذا بَعدَه سَنةً؟ قالوا: بلى، قال: وأَدرَكَ رمضانَ فصامَه؟ قالوا: بلى، قال: وصَلَّى كذا وكذا سَجدةً في السَّنَةِ؟ قالوا: بلى، قال رسولُ اللهِ (ﷺ): فلَمَا بيْنهُما أَبْعَدُ ما بيْن السَّماءِ والأرضِ”.
الفكرة من كتاب من الطارق؟ أنا رمضان
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ، وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر، وللَّهِ عتقاءٌ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ”، فذا هو الشهر الكريم، وهذه نفحة من عطاياه من أول ليلة فيه، فيا باغي الخير لبِّ النداء وأقبل بكل جوارحك، وازهد الآن في الدنيا، وقصِّر أملك فيها، وأحسِن الظن برب كريم منحك هكذا شهرًا كريمًا، “ودبِّر لدينك كما دبَّرت لدنياك”، فإن الخسران كله أن ينقضي الشهر ولم تنهل منه.
يعدُّ الكتاب الذي بين أيدينا خطة عمل لكل مسلم يريد الاستعداد للشهر الفضيل، ليدرك فضله، وأبواب الخير فيه، وما قد يعوق سيره ليجتنبه، لعلَّ الله يقبلنا فيه ويكون لنا فيه بعثٌ جديد.
مؤلف كتاب من الطارق؟ أنا رمضان
خالد أبو شادي، دكتور صيدلي وداعية إسلامي مصري، ولد عام 1973 في محافظة الغربية، نشأ في الكويت ثم أكمل تعليمه الجامعي بمصر، اشتغل في دعوته على الجانب الروحي والإيماني وتزكية القلوب، وتميز بخطابه السهل الرقيق، وله عدد من المؤلفات والمرئيات على التلفزيون واليوتيوب.
من مؤلفاته:
أول مرة أصلي.
سباق إلى الجنان.
الحرب على الكسل.
هُبي يا ريح الإيمان.